حول هجاء عمليات الطعن والدهس وموقف السلطة

تم نشره الأربعاء 21st أيلول / سبتمبر 2016 01:21 صباحاً
حول هجاء عمليات الطعن والدهس وموقف السلطة
ياسر الزعاترة

يحلو لمتفذلكين من هنا وهناك أن ينتقدوا عمليات الطعن والدهس التي يقوم بها شبان فلسطينيون بين حين وآخر، والتي تجددت بشكل لافت خلال الأيام الماضية، والسبب أنها لا توجع المحتلين برأيهم. ابتداءً يمكن القول إن هذه النظرية الأخيرة ليست صحيحة لمن يتابع مجتمع الاحتلال الذي عاش رعبا حقيقيا خلال الشهور الماضية بسبب تلك العمليات، رغم خسائرها غير الكبيرة، فهو مجتمع غارق في الاستهلاك، وليس مجتمعا عقائديا كما كان خلال عقود مضت، وبالتالي، فإن أية مخاوف، مهما كانت بسيطة تصيبه بالرعب. هذا من دون أن ننسى بعض عمليات إطلاق الرصاص التي وقعت، والتي كانت مؤثرة أيضا. مع ذلك، فإن من يهجون هذا اللون من العمليات، لا يتوقفون مليا عند هذه الظاهرة في أبعادها الوطنية والدينية، ولا في الأسباب والدوافع، فيما يذهب قادة السلطة نحو تفسير بائس وعقيم، بل رخيص في واقع الحال، حين يحيلون تلك العمليات إلى ما يسمونه “اليأس”، لكأن الياس ينتج بطولة وإقداما وتضحية، وليس إحباطا، وربما سقوطا في بعض الأحيان. لا يتوقف أولئك عند حقيقة أن هذا اللون من التضحية ليس هو الوحيد في الساحة الفلسطينية، بل هناك ما هو أصعب وأقسى، فأن يأخذ الغزاة يوميا وجبة من أبنائنا إلى السجون ليمضوا فيها قسطا وافرا من أعمارهم، فهذا لا يتذكره أحد، ومن يتابع الإعلام يوميا، سيرى أن هناك ما يقرب من 15 شخصا يتم اقتيادهم إلى السجون كمعدل يومي، من دون أن ينفذوا أية عملية من أي لون، وبالطبع في سياق من مساعي تركيع الشعب، ولا تسأل بعد ذلك عن كل ما ينتجه الاحتلال من معاناة، هذا إذا تجاهلنا أن وجود الاحتلال من حيث أتى، وسرقته للأرض، والاستيطان والتهويد هي كلها سبب كافٍ للمقاومة، حتى لو لم تكن هناك اعتقالات ولا إهانات على الحواجز، ولا استيطان جديد، ولا تهويد للمقدسات. ما يفعله هؤلاء الشبان ينبغي أن يوجّه اللوم، بل حتى التجريم ضد أولئك الذين يرفضون أن يأخذ الشعب المبادرة ويشرع في مقاومة الغزاة بكل ما أوتي من قوة، ويجعل كلفة الاحتلال عالية. إننا إزاء فئة ترفض المقاومة من حيث أتت، وليس البنادق والسكاكين وعمليات الدهس فقط، بل إنها تذهب أبعد من ذلك حين ترفض حتى المقاومة الجماهيرية التي تشتبك مع حواجز الاحتلال، ويقول قائلهم بكل ابتذال بأنه يفتش حقائب أولاد المدارس، ويكرر أنه لن يسمح لهم بالاشتباك مع حواجز الاحتلال بما يؤدي لقتلهم. لا شيء لدى هؤلاء يقدمونه، فقد جربوا عبثهم التفاوضي زمنا طويلا، ولم يفض إلى أي شيء، سوى سلطة تحت عباءة الاحتلال، يستمتع بها البعض وبمكاسبها، ومن ينتظر بطاقات ال “في آي بي” من المحتلين، لن يتجرأ على السماح بمقاومتهم بأي حال، وكم مرة سمعنا تهديداتهم بوقف التعاون الأمني من دون أن يتجرأوا على فعل ذلك. في ضوء ذلك تغدو التحية كل التحية والإجلال والإكبار من حق أولئك الشبان الذي يبادرون إلى مقاومة عدوهم بما تيسر (انضم إليهم شهيد الكرك الأردني سعيد العمرو، تقبله الله، وذلك كعنوان لتوحد الأمة خلف قضية القدس)، فيما ينبغي أن تتوجه الإدانة لأولئك الذي يرفضون الانحياز لخيار الشعب في مقاومة الغزاة، تماما كما فعلت كل الشعوب الحرة على مدار التاريخ. للشهداء والأبطال المجد، والعار للمتعاونين مع العدو.

(المصدر: الدستور 2016-09-21 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات