الإسلاميون يستبدلون «رخصة الجماعة» بالبرلمان
وصول عدد من مرشحي الاخوان المسلمين الى البرلمان، يعني بكل بساطة، ان الجماعة انتقلت من عقدة «الرخصة والترخيص» الحزبية، الى رخصة من نوع آخر، اي التواجد تحت قبة البرلمان، وهذا يثبت بضع حقائق. ان وصول الاخوان الى البرلمان، يقول ان مركز القرار لم يكن ضد وصولهم، في المطلق، وربما حدث تغير غير مشهر في الموقف من مشاركتهم، ولم يحدث تزوير ازاء وجودهم، برغم وجود اصوات اسلامية، قد تحكي عن تأثيرات معينة مورست ضدهم، والاغلب ان تأثيرات المنافسين والمال الاسود الذي تسلل الى الانتخابات، لعب دورا ربما في الحد من زيادة عدد نواب الاخوان المسلمين في البرلمان، هذا اضافة الى ان السؤال الاهم، يتعلق بالعدد الفعلي الذي كان يريده الاسلاميون تحت القبة. المؤكد هنا، ان المجال متاح للاسلاميين لنقد العملية الانتخابية، او للكلام عن تأثيرات رسمية غير مريحة، فهذا في كل الاحوال، منطق كل الذين يدخلون الانتخابات، خصوصا، الذين لا ينجحون كما يحبون تماما، او الذين لا يحالفهم الحظ. برغم انني لا اؤمن ان الحقوق السياسية، منة او هدية من احد، الا انه لا يمكن ان ننكر ايضا، ان عمان الرسمية لم تسع لمنع وصول الاسلاميين بالمطلق، فهذا من جهة يعد صعبا من ناحية قانونية، وغير لائق من ناحية سياسية، في ظل ترشح هؤلاء، ووجود مظلة مرخصة هي حزب جبهة العمل الاسلامي. وجود الاسلاميين من جهة اخرى، ينفي «التصفوية العمياء» عن الحياة السياسية في الاردن، وبرغم المآخذ والعيوب، والمعارك الصغيرة والكبيرة، الا ان ميزة الاردن دوما، ان لا خصام حتى مالا نهاية في الداخل الاردني، فكل شيء قابل للتغير. هذا يأخذنا الى السيناريو المقبل، والمتعلق بوضع الاسلاميين في البرلمان، وهل سيكون وجودهم مجرد مذاق للمعارضة، ام «استردادا مضاعفا» لرخصة الجماعة التي ذهبت الى طرف آخر، ام انها ستقودنا الى مصالحة علنية، تعتمد على تفاهمات سرية، تفسر مشاركة الاسلاميين بالاساس. هذا السيناريو يحتاج الى وقت، فقد تراهن الدولة على وجود ممثلين من اتجاهات سياسية اخرى لتحجيم الاسلاميين، او على كون كتلة الاسلاميين ليست كبيرة، بمعنى تركهم للذوبان التدريجي داخل البرلمان، وقد ينزع العقلاء الى الكلام عن مصالحة سياسية، لا تبدأ بعداوة متسرعة، وترك الاسلاميين لممارسة طريقتهم في الرقابة والتشريع، وهي طريقة سبق وان خبرتها الدولة، في ظروف سابقة، حين كان تأثير الاسلاميين اكبر بكثير، من حيث عددهم في البرلمان، مقارنة بالعدد الكلي للنواب، ومن حيث وهجهم في الشارع الاردني. في المطلق، وبعيدا عن التفاصيل التي قد يخرج بها الاسلاميون لتقييم العملية الانتخابية، يمكن القول بكل بساطة، ان وجودهم في البرلمان، يعني مرحلة جديدة مختلفة تماما عما مضى، فلا يمكن من حيث المبدأ، ان تواصل عمان الرسمية ذات الطريقة مع جماعة سياسية، بات لها عدد من الممثلين تحت القبة، والامر يشهد برمته تحولا جذريا، يقودنا الى مصالحة او خفض جزئي لمنسوب المواجهة. نحن أمام مرحلة «اعادة التموضع» في العلاقة بين الدولة والإخوان المسلمين.
(_المصدر: الدستور 2016-09-22 )