الحزمة الأولى من التوصيات
عندما كان الدكتور هاني الملقي وزيراً للصناعة والتجارة قبل عدة سنوات ، دعا عدداً كبيراً من الخبراء في مختلف الاختصاصات الاقتصادية والاجتماعية إلى مؤتمر اقتصادي موسع استمر لعدة أيام ، وخرج بمجموعة كبيرة من التوصيات التي لم تر النور.
في حينه لم يكن الملقي كوزير للصناعة والتجارة يملك من الصلاحيات ما يمكنه من تنفيذ تلك التوصيات التي تتعلق بمعظم الوزارات والدوائر الرسمية ، وكانت تتراوح بين الجيد والضعيف. بعضها يلقى الإجماع ، وبعضها الآخر يواجه اجتهادات مخالفة. أما اليوم فإن الملقي كرئيس للحكومة يملك من الصلاحيات ما يسمح له بتنفيذ الممكن من هذه التوصيات.
مجلس الوزراء ، وخاصة الفريق الاقتصادي هو أحد مصادر هذه التوصيات ، وقد قرر الالتزام بتنفيذها (بدقة) ، ومع أن التوصيات وصفت بأنها فورية وقصيرة الأجل ، إلا أن بعضها يحتاج لبعض الوقت ، ودراسة الإيجابيات والسلبيات ، والآثار المباشرة وغير المباشرة ، مما سيحتاج لوقت نرجو أن لا يطول ، لأن هناك وجبه ثانية وثالثة في الطريق.
مجلس السياسات الاقتصادية لم يبلور حتى الآن (سياسات اقتصادية) تحدد الاتجاهات العامة ، مكتفياً بالإجراءات الجزئية التي تقع في باب الإصلاح والتحسين ، وربما كان عليه أن يتعامل مع قضايا عامة مثل برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي ، هوية الاقتصاد الأردني ، نظام الألولويات الاقتصادية والمالية ، الموقف تجاه المشاريع الكبرى المثيرة للجدل ، إدارة المالية العامة (عجز ومديونية).
كما أن المجلس تجنب الاقتراب من بعض القضايا الحساسة مثل سياسة الدعم الاستهلاكي: خبز ، كهرباء ، ماء ، أعلاف إلى آخره. ولم يقترب من نظام التقاعد الذي يكلف 100 مليون دينار شهرياً وقد تجاوزت تكاليفه طاقة الموازنة العامة فلم يعد قابلاً للاستمرار.
ومع أن محافظ البنك المركزي عضو أصيل في المجلس ، فقد سمح بالميل الشديد نحو تكليف البنك المركزي بتوفير مئات الملايين من الدنانير للإنفاق وتمويل مختلف الأغراض التي قد تكون مرغوباً فيها ، ولكنها تحمل مخاطر التوسع في الإصدار وارتفاع عرض النقد ، وما قد يكون له من تأثير سلبي على حجم الاستيراد واحتياطي البنك من العملات الأجنبية ، مما يستوجب قدراً من التحفظ وعدم الإفراط في إصدار دنانير جديدة في السوق غطاؤها استثمارات طويلة الأجل وعالية المخاطر.
(المصدر: الرأي 2016-09-22 )