حكومة جديدة ومهمات صعبة
حكومة الدكتور هاني الملقي الثانية امتداد لحكومته الأولى التي كانت بدورها امتداداً لحكومة الدكتور عبد الله النسور السابقة ، فهي ليست جديدة تماماً ، ومع ذلك فإن من حقها أن تتطلع للبقاء في السلطة لعدة سنوات قادمة ، وليس من المتوقع أن تفاجئ الرأي العام ، لأنها خلال أربعة شهور ماضية قدمت عينه من سلوكها وأسلوب عملها المحتمل خلال أربع سنوات قادمة ، وبالتالي فإن الشارع السياسي والإعلامي يعرفها جيداً ، وربما لن يعطيها شهر عسل يمتد مائة يوم تتحرك خلالها دون أن تتعرض للطخ عليها فقد استنفدت هذه المهلة.
أمام الحكومة قضايا أساسية عديدة ، اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية وليس معروفاً لأي مدى سوف تتمتع بحرية التصرف تجاه تلك القضايا ، ذلك أنها محاطة بمحددات عديدة عليها أن تتعامل معها بإيجابية: كتاب التكليف السامي ، برلمان جديد متحفز ، صندوق النقد الدولي ، مجلس السياسات الاقتصادية ، هذا فضلاً عن رأي عام قوي منقسم على نفسه ويملك وسائل إعلام واتصال فعالة.
مطلوب من الحكومة أن تقول نعـم لكل هذه المحددات وتراعي متطلباتها ، ولكن هل تستطيع أن تنجز كل هذه المتطلبات؟ وما هو نظام الأولويات الذي ستأخذ به والجدول الزمني الذي ستضعه نصب أعينها.
أمام الحكومة مهمات تحتاج للمال وهو غير متوفر ، فالموازنة العامة تشكو من عجز يناهز مليار دينار ، والمديونية تتصاعد بدون توقف ، وسترتفع هذه السنة بمقدار مليار دينار ، والنمو الاقتصادي عند مستوى متدن قاصر عن مواكبة النمو السكاني ، والبطالة مرتفعة لدرجة خطرة ، واللجوء السوري يشكل عبئاً لا يطاق ، وهناك استقطاب قوي في الاتجاهات السياسية ، وخاصة تجاه ما يجري في سوريا ، وفي الإيدولوجيا وخاصة تجاه العنف والتطرف.
رئيس الحكومة لا يبدو مرتبكاً. ومع أنه لا يعد بصنع المعجزات إلا أنه يعد بالعمل والاجتهاد والمتابعة ، ويتوقع الدعم.
رد الرئيس على كتاب التكليف السامي كان طموحاً جداً ويعتبر بمثابة بيان وزاري سيقدم بتعديلات لغوية بسـيطة إلى مجلس النواب لطلب الثقة على أساسه ، وبذلك يكون بيان الرئيس بمثابة قبول بالمهمات الصعبة وتعهد بالعمل على تحويلها إلى واقع.
ثقة مجلس النواب بحكومة الملقي الجديدة يمكن أن تعتبر تحصيل حاصل ، فالحكومة ليست في خطر من هذه الناحية ، ولكن في البرلمان الجديد معارضة حقيقية من أقصى اليمين الإسلامي إلى أقصى اليسار المدني وما بينهما ، وعلى الحكومة أن تتعايش مع معارضة قوية وأن تأخذها بالحساب.
(الرأي2016-10-03)