«جنحة سياسية» بحق الديمقراطية ومسيرة الإصلاح!
صَبرنا قبل أن نكتب رأينا في نتائج الانتخابات النيابية، بانتظار الاطلاع على الأرقام الكاملة للفائزين والخاسرين، وأما وقد نشرت الهيئة المستقلة للانتخاب تلك الأرقام كاملة، فنكتب بصراحة، وشفافية، ونزاهة، فهذا واجبنا، قبل أن يكون حقنا.
ولأنّ الأصل في أهداف الانتخابات هو أن يخرج المجلس النيابي ممثلاً حقيقياً للمجتمع الأردني، فالنتائج تُفيد بأنّ الكثيرين الفائزين لم يحصلوا على أعلى الأصوات في دوائرهم، وفي المقابل فإنّ هناك رقماً مماثلاً من “الخاسرين” الذين حصلوا على أصوات تتجاوز تلك التي حصل عليها أولئك الذين صاروا نواباً مع وقف التنفيذ، بانتظار اليمين الدستورية، وهذا تحصيل حاصل.
ذلك كان متوقعاً، وكتبنا عنه قبل أشهر، ولكنّ النتائج الحقيقية تجاوزت كلّ الحسابات المتحفظة، وفاقت كل التوقعات، فبعض الظنّ في الخروج بأحسن الموجود من القانون السيئ كان إثماً حقيقياً، ونعتذر عنه، لأنّ ما جرى لا يعدو كونه “جنحة سياسية” هدفت إلى إيذاء الديمقراطية الموعودة، ونجحت في ذلك إلى أبعد الحدود.
النواب “الفائزون” صاروا نواباً بحكم القانون، وسيفرحون بنمر سياراتهم الحمراء، وحصاناتهم القانونية، وسيصوتون في آخر الأمر مع الحكومة، ولكنّ النواب “الخاسرين بأصوات أكثر”، سيشعرون مع مؤيديهم بالمرارة، والتعرّض لخدعة، وسيعبرون عن حالتهم بالقهر بالمعارضة في الشارع، ولعلّ ما نشهده من استعادة لأجواء ما قبل خمس سنوات، يؤكد كلامنا.
وفي الأصل، فالانتخابات عنصر تهدئة للنفوس، لا عامل تأجيج للمرارة، حيث كلّ شخص وفئة يعرفون ما لهم وما عليهم، من نتائج الصندوق، أمّا ما جرى فعلاً فهو العكس تماماً، وفي تقديرنا أنّ “المطبخ السياسي الرسمي” الذي وضع القانون، ودافع عنه، وأقرّه، واعتبره تطويراً في العملية الإصلاحية التي يتبناها الملك، ارتكب خطأ استراتيجياً في حقّ المسيرة التي لم يكلّ ولم يملّ جلالته في الدعوة إليها، ويبقى أنّ أغلب ذلك تتحمله الحكومة قبل السابقة، وللحديث بقية.
(السبيل2016-10-03)