أميركا - القوة الأولى
تمتلك أميركا أقوى جيش في العالم بدون منازع ، وبنسبة كبيرة تضعها في مرتبة خاصة بها. هذا هو الوضع الراهن ، ولكن ماذا عن المستقبل؟.
يقول تقرير نشرته فورين أفيرز ، من إعداد باحث في معهد بروكينز والجنرال بترايوس الذي كان قائداً للقوات الأميركية في أفغانستان ثم في العراق ، ليتسلم بعدها وكالة المخابرات الأميركية: أن أميركا ستظل الأقوى عالمياً في المستقبل المنظور.
يستدل التقرير على هذه النتيجة من كون إنفاق أميركا العسكري يعادل ثلاثة أمثال إنفاق أقرب المنافسين وهو الصين. ويشكل ثلث الإنفاق العسكري في العالم بأسره ، حيث ينفق شركاء وحلفاء أميركا الثلث الثاني.
على ضخامة الإنفاق العسكري الاميركي فإنه لا يشكل سوى 3% من الناتج المحلي الإجمالي ، مما يعني أن الاقتصاد الأميركي قادر على تحمل هذ الكلفة واستمرارها ، ويستطيع تحمل اكثر منها إذا لزم الامر.
في وقت من الأوقات وصلت النفقات العسكرية الأميركية إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي ، ولكنها انخفضت الآن إلى 3%. ويعتقد الباحثان أن هذه النسبة أكثر من كافية لإبقاء أميركا على قمة سلم القوى العسكرية في العالم.
يقول الباحثان أن قوة أميركا العسكرية شاملة لجميع الأنشطة العسكرية ابتداءً من الأسطول البحري ، مروراً بالقدرة على توجيه ضربات على أهداف دقيقة ، إلى سلاح الجو والمخابرات ، وعمليات الاستطلاع الجوي ، وصولاً إلى العمليات الخاصة.
مر وقت كان النظام العالمي يعتمد على تأمين التوازن بين أميركا وحلفائها من جهة والاتحاد السوفييتي وحلفائه من جهة أخرى وكان يقال أن أميركا أقوى من الاتحاد السوفييتي لأنها تملك من القوة الذرية ما يكفي لتدمير العالم عشر مرات في حين أن الاتحاد السوفييتي لا يستطيع أن يدمر العالم أكثر من ثلاث مرات! ولكن مرة واحدة تكفي للردع والحيلولة دون وقوع الكارثة ، فلا عجب إذا لم تتحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة لأنها تعني تدميراً متبادلاً.
هل يجب أن يكون العالم سعيداً بتركز القوى في دولة عظمى واحدة؟ الأرجح أن الجواب بالنفي ، لأن طبيعة النظام العالمي أن يكون هناك توازن في القوى.
من ناحية أخرى فإن وجود قوة ضاربة كبرى تحت تصرف القيادة السياسية في أي بلد ، يغريها باستعمال هذه القوة ، ومن هنا يأتي التدخل الأميركي في جميع قضايا العالم ونزاعاته ، حيث أن لكل رئيس أميركي حرباً ليدخل التاريح بها كقائد قوي.
(الرأي 2016-10-07)