قانون «جاستا» والابتزاز الأمريكي للسعودية

تم نشره الأحد 09 تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 12:33 صباحاً
قانون «جاستا» والابتزاز الأمريكي للسعودية
ياسر الزعاترة

فضحت نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب أوباما، حين قالت إنه لم يضغط من أجل منع تصويت كونغرس ضد الفيتو الذي أتخذه لمنع قانون “جاستا” لمحاكمة “رعاة الإرهاب”.

والحال إن الأمر لم يكن بحاجة لكلام بيلوسي، ذلك أن الغالبية الساحقة من النواب والشيوخ الذين صوّتوا ضد “الفيتو” كانت كافية لكشف المستور، ويكفي أن لا يصوّت سوى عضو واحد في “الشيوخ” ضده، وأقلية في النواب حتى ندرك أن أوباما لم يكن جادا في منعه.

أيا يكن الأمر، وحتى لو قيل إن للأمر صلة بالانتخابات، فإن الأمر ليس بحاجة إلى كثير تحليل كي ندرك عمق التحول في العلاقة الأمريكية السعودية، لا سيما أننا نتحدث عن محاكمات تتعلق بقضية مضى عليها 15 عاما، أعني هجمات سبتمبر عام 2001.

يحلو للبعض أن “يرشّ على الموت سكرا”، كما يقول المثل بالقول إن القانون لا يستهدف السعودية، ولم يذكرها، وأنه يتحدث عن “رعاة الإرهاب” في كل مكان، لكن واقع الحال أن المستهدف الأكبر من القانون هي السعودية، وبعدها إيران، وهنا تتبدى السخرية حين نتابع تلك الشماتة الإيرانية بالسعودية بعد إسقاط “فيتو” أوباما ضد القانون، ما يكشف حجم الجنون في النكاية مع السعودية.

يحار أتباع خامنئي في تفسير الموقف، فهم يصرخون ليل نهار بموال عمالة السعودية لأمريكا، فكيف يصحّ أن يتم استهدافها بقانون من هذا النوع؟! تماما كما يحارون في تفسير تحليلاتهم فيما خصّ من يسمونهم “التكفيريين” الذي ينسبونهم لأمريكا والصهيونية، بينما طائرات أمريكا تطاردهم ليل نهار، فيما لا تمسّ أبدا أتباع “الولي الفقيه”؛ لا في سوريا ولا في اليمن، ولا في العراق!!

هناك بالطبع من يهوّنون من مستوى الخطر الذي يمثله القانون، وربما يستند ذلك إلى طول إجراءات التقاضي، وإلى أن الدولة السعودية بريئة من هجمات سبتمبر، وهو كلام يتجاهل أننا لا نتحدث عن دولة تتوخى العدل، بقدر ما نتحدث عن دولة طبعها الابتزاز، وها إن مسلسل الدعاوى قد بدأ سريعا بعد إقرار القانون، ولن يمضي وقت طويل حتى تصدر الأحكام.

لا قيمة هنا أيضا للقول إن القانون يضر بمصالح الولايات المتحدة من حيث إمكانية محاكمة مواطنيها في الخارج، لأن حدوث ذلك لن يعني تطبيقا للأحكام، فيما يمكنها عبر سيطرتها على النظام المالي الدولي أن تتخذ إجراءات بحق أي بنك أو مستثمر، وتطبقها بالفعل، ويعلم الجميع حجم من تضرروا من ملاحقات ما بعد هجمات سبتمبر، بل إن بعضهم لم تنفعه البراءة التالية في جبر الأضرار الرهيبة التي تعرض لها.

إننا نتحدث عن إمبريالية متغطرسة، ومن يمكنه فرض عقوبات اقتصادية على دول بحجم روسيا والصين، لن يكون من الصعب عليه اتخاذ إجراءات بحق دولة مثل السعودية.

لسنا في وارد تقديم المواعظ حول ما ينبغي أن تفعله السعودية؛ هي وعموم مواطنيها الذين يملكون أموالا واستثمارات في أمريكا، مع أن الخطر يتجاوز ذلك (الاتفاق مع الصين على التبادل باليوان مقابل الدولار خطوة مهمة جدا)، لكننا نشير إلى أن ما جرى يؤكد أن المشهد الدولي يتغير، وأن النظريات التقليدية في تفسير السياسة لم تعد تنفع، وها أن إمريكا اليوم تبدو أقرب لإيران منها للسعودية.

هي فوضى لا تطبع الشرق الأوسط وحده، بل المشهد الدولي، لكن المؤكد أن العقل يفرض على إيران أن تأتي إلى كلمة سواء مع العرب وتركيا من أجل لملمة هذا الحريق وتخفيف أضرار الجميع، وهي في مقدمتهم، فهذا هو الرد الأمثل على الغطرسة الأمريكية، وقبل ذلك وقف النزيف المدمّر.

(الدستور 2016-10-09)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات