عن المقاتلين الاردنيين في جنوب سورية
في المعلومات ان أغلب الاردنيين الذين يقاتلون مع تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» في سورية، يعيدون التموضع ، استعدادا للمرحلة المقبلة.
السبب يتعلق حصرا، بالاستخلاصات التي يخرج بها هؤلاء، اثر معركة حلب حصرا، والدموية الروسية، التي يلمسها الجميع، والمقاتلون الاردنيون في سورية، يتوزعون على عدة جبهات، بعضهم في حلب، وهناك اعداد في الرقة، والاغلبية في مناطق جنوب سورية، التي من المتوقع ان تشهد حرب تطهير روسية سورية.
يقول مطلعون ان المقاتلين، واستباقا لمعركة جنوب سورية، باتوا ينقسمون الى عدة اتجاهات، اذ ان هناك اتجاه يرغب بالعودة الى الاردن، لكنه يدرك ان هذا صعب، من جانبين، فالتنظيم سوف يقوم بتصفية هؤلاء بأعتبارهم يريدون الهروب من المعركة المقبلة، اضافة الى قناعتهم ان السلطات الرسمية في عمان لن تسمح لهم بالعودة الى الاردن، فوق ان امكانية العبور البري، بسلامة وأمن، تبدو مستحيلة، في ظل التعليمات بأطلاق النار على كل من يحاول عبور الحدود برا، فخيار العودة، هنا، يبدو محفوفا بالمخاطر.
قيادي من السلفية الجهادية، يقول ان عمان لو اعلنت استعدادها لقبول هؤلاء ومحاكمتهم، لعادت اغلبية كبيرة، راضية بالمحاكمة على البقاء في ساحة يتم حرقها، دون فائدة، وكلام هذا القيادي مثير، لان المعروف ان كل مقاتل يذهب للحرب، لاتهمه اساسا فكرة النجاة او الحياة، لكن الواضح ان هناك تحولات جذرية كثيرة.
يدلل هذا القيادي على التغيرات في بنية السلفية الجهادية، بالقول، ان التحاق مقاتلين جدد من الاردن، بالتنظيم، توقف تماما، منذ عدة شهور، فلم يعد هناك خروج لاردنيين من اجل الالتحاق بالتنظيم، وهذا امر لافت للانتباه، ويؤشر على تغيرات بنيوية.
الاتجاه الثاني الذي يريد استباق معركة جنوب سورية، بغير سيناريو العودة الى الاردن، يدعم فكرة الخروج من سورية، نحو الموصل في العراق، اذا كان ذلك سهلا او متاحا او آمنا من الناحية الامنية، وهناك ميل كبير، بين المقاتلين الاردنيين والعرب والاجانب، في مناطق جنوب سورية، للارتحال الى مدينة الموصل، والاستعداد لمعركتها، بأعتبار انها قد تكون اقل ضررا، من اي معركة مع الروس في جنوب سورية.
يطرح هؤلاء المخاوف من كون فكرة الارتحال ذاتها صعبة جدا، في ظل الاستعدادات لمعركة الموصل من جهة، وتعقيدات الانتقال البري الى العراق.
اللافت للانتباه هنا، ان خسائر التنظيم في سورية، تدفع بعض المنتمين اليه، الى تبني فكرة «الساحات البديلة» ، من العراق، وصولا الى ليبيا، وفي هذا اقرار بالخسائر، من جهة، وتعبير من جهة اخرى، على تراجع فكرة الموت، كأولوية اولى، من اعضاء التنظيم، نحو فكرة تعزيز الساحات القابلة للتعزيز، مثل العراق وليبيا، بدلا من الموت في سوريا، دون اي نتيجة، وهذا يعني فعليا ان مشكلة المقاتلين في سورية، باتت تضغط على خاصرة التنظيم.
الاتجاه الثالث بين المقاتلين الاردنيين في جنوب سورية، اتجاه ليس جديدا، اذ يبقى هناك رأي سائد بين بعضهم يقول «لم نخرج الا لنموت» وهؤلاء يرون ضرورة البقاء في جنوب سورية وخوض المعركة ايا كانت النتائج، ويهز بنية هذا الاتجاه، ان الاقتتال بين الفصائل المتشددة ذاتها، بما فيها داعش، نزع عن فكرة الاستثمار بالموت، تلك الهالة المقدسة، فهذه حروب جانبية، بين افراد الفصائل، ولم يخرج هؤلاء في الاساس لمقاتلة فصائل اخرى، بل لمقاتلة نظام الاسد فقط، وانحراف البوصلة بهذه الطريقة، يجعل الموت غير منتج.
المؤكد وفقا لمطلعين هنا، ان اكثر من ثلاثة الاف اردني يحارب اغلبهم مع داعش، يواجهون اليوم، تغيرات جذرية وعميقة، وربما هي ذاتها التي يواجهها مقاتلون عرب واجانب، بعد اكتشافهم للواقع الميداني، وهذا يفسر عودة الالاف الى اوروبا واميركا ودولا عربية في المغرب العربي، تونس مثلا، اذ يعبر انسحابهم، عن مشكلتين، مشكلة الواقع الميداني لداعش في سورية، ومشكلة انتقال هؤلاء بخبراتهم العسكرية الخطرة، الى ساحات جديدة، بما يعنيه الامر، من كلف محتملة.
(الدستور2016-10-09)