الاردن بين الروس والاميركان
تتأزم العلاقة الاميركية الروسية، يوما بعد يوم، على خلفية الملف السوري، والازمة بين البلدين ذات سمات سياسية وعسكرية، تتفاعل يوما بعد يوم، ومن المتوقع لهذه الازمة ان تتعمق، خلال الفترة المقبلة.
الاردن حليف للاميركان، ينسق مع واشنطن، في مختلف القضايا، ويتلقى المساعدات المالية والعسكرية، ويشترك الاردن مع واشنطن في ملف الحرب على الارهاب، ، وهو ايضا، حليف تقليدي للاميركان، لاعتبارات تتعلق بأمن الاقليم، وهي اعتبارات ممتدة وقديمة.
علاقة الاردن مع الروس، لم تكن ايجابية، تاريخيا، بل كان الاردن في المعسكر المضاد، لكن في عهد الادارة الروسية الحالية، تحسنت العلاقة مع الروس على مستويات سياسية وعسكرية، ووصلت حد التنسيق بخصوص التعاون بشأن المفاعل النووي، اضافة الى ان الاردن اجترح معادلة مع الروس، حماية لمصالحه، خصوصا، بشأن الحرب في سورية، وتداعيات الموقف، من العمليات الروسية، ووجود التنظيمات المتشددة على مقربة من الاردن، والمخاوف من تمدد الايرانيين وحزب الله الى الحدود مع الاردن.
المؤكد ان الاردن لم يفتح هذا المسرب مع الروس، لولا الضوء الاخضر من الاميركان، من جهة، ولولا وجود عوامل تدفع الاردن نحو تاسيس «مسرب نجاة» على ضوء تداعيات الملف السوري.
كان الاردن قادرا على ان يبقى حليفا لواشنطن، وان يؤسس معادلة تسمح له بالانفتاح على الروس، ضمن سقف محدد، فلا مبالغة هنا، بطبيعة العلاقة الروسية الاردنية.
لكننا امام حجم الصدام الاميركي الروسي، بخصوص ملفات كثيرة، وتحديدا الملف السوري، نطرح السؤال عن الاضرار المحتملة على صعيد العلاقات مع الروس، اردنيا، اذ هل سيقدر الاردن على ادامة علاقة من نوع آخر من الروس، ام انه سيضطر ان يختار في توقيت ما، بين الروس والاميركان، خصوصا، ان الصدام بين موسكو وواشنطن، عميق ويتعلق بطريقة معالجة كل زوايا الملف السوري.
لايمكن للاميركان والروس، ان يقبلا هذه الايام، علاقات متوازية، مع اشتداد الصدام من جهة، والتدهور على صعيد الجبهات السورية المختلفة؟!.
هناك تفاهمات غير معلنة، روسية اردنية، بخصوص جبهة جنوب سورية، على صعيد ملف التنظيمات، وملف التنسيق العسكري في العمليات، وملف التمدد الايراني وقوات حزب الله، بموازاة الحدود الاردنية الروسية، وهذه التفاهمات، قد تكون مهددة، في لحظة ما، خصوصا، من جانب الروس، الذين قد يعمدون الى اعادة بعثرة الاوراق، بما يؤدي الى ارباك مصالح واشنطن في المنطقة.
من جهة عمان، على الارجح، فان الاردن معني تماما، بعلاقات متوازية مع الروس والاميركان، مع اختلاف درجة التحالف، بين عاصمة واخرى، لكن يبقى السؤال متعلقا، ايضا، حول قدرة الروس على ابقاء العلاقات مع الاردن، المجاور لسورية، بذات الدرجة، ام ان الروس سيعمدون الى توظيف هذه العلاقات، لغايات الضغط على الاميركان، عبر بوابة اعتبار التفاهمات لاغية، وترك تهديدات كثيرة لتطل بنفسها على شمال الاردن.
الامر ذاته ينطبق على موقف الاميركان الذين سمحوا للاردن بصياغة معادلة تقارب مع الروس، ضمن سياقات محددة، وقد يتم نسف هذه التفاهمات من جانب واشنطن، اذا اصرت واشنطن على اضعاف الموقف الروسي من جهة، او قررت القيام بعمل عسكري ضد النظام السوري، له تداعيات على دول الجوار، اقلها خروج حلفاء واشنطن من اي تفاهمات مع الروس، لصالح اي تحركات اميركية سياسية او عسكرية مستجدة في المنطقة.
مايمكن قوله ببساطة، ان الاردن، لن يبقى قادرا الى مالانهاية على الحفاظ على الاميركان والروس في ذات السلة، والارجح، ان طلاقا ما، سيقع مع احد الطرفين، وهذا الطلاق، محتمل مع الروس بشكل كبير، في سياقات اقليمية ودولية، لايمكن تجنب نتائجها، مهما حاولت كل الاطراف تأخيرها، او جدولتها، فنحن امام طلاق، واقع لامحالة، اما بضغط من الاميركان، او اذا قرر الروس التورط فيه، لارباك المعسكر الاميركي الممتد.
(الدستور2016-10-11)