طبول مثقوبة
تعطي النظم السياسية والاحزاب الذكية لأبواقها هامشا للاختلاف معها، وذلك لكسب شيء من المصداقية ومن ثم تحويل الهامش الى فخّ يصطاد به الرأي العام ..
لكن هذا الذكاء السياسي وما يفرزه من ثقافة اعلامية غير اعلانية اصبح نادرا في عالمنا، لأن الصفقات والمقايضات تُمارس في عزّ النهار ولم تعد حبيسة الغرف المغلقة والكواليس .
واذا صحّ لنا ان نسمي ما كان يتولاه الشعر في الجاهلية من مديح وهجاء اعلاما فهو اعلام اذكى من الذي نراه في الالفية الثالثة خصوصا في عالمنا العربي، فالشاعر الجاهلي كان يمتدح قدرة خصمه ويشيد بفروسيته كي يصبح لانتصاره عليه دلالة ومعنى، لأن انتصار الاسد على الارنب ليس انتصارا كما ان انتصار عصابة على طفل انكى من هزيمة !
ان توفير هامش لمن عهد اليهم بتبرير الاخطاء والتبرئة من الجرائم يطيل من عمر صلاحيتهم ولو قليلا، لكن هذا الوضوح الذي نراه ونسمعه من الطبول المثقوبة يثير السخرية، لأنه بلا جدوى ولا يصل الى المرسل اليه ويتم استهلاكه محليا !
ومن يواصلون قرع طبولهم وهم لا يعلمون انها مثقوبة يخدعون انفسهم اولا، وقد اصبح القارىء او المشاهد العربي رغم ما يبهظ كاهليه من اعباء الحياة قادرا على قراءة المكاتيب من عناوينها فهو ما ان يرى شخصا او يسمع اسما على الشاشة حتى يهز كتفيه ويزم شفتيه ساخرا لأنه على دراية بكل ما سوف يقال، ولا ندري لماذا تساهم دول ونظم واحزاب في حرق ابوابها او وخزها بالدبابيس كي تنفس في احراق ما لديها من اوراق، فهل لديها من فائض المال ما يكفي لذلك ؟
لقد شاهدنا بالامس هجاء متبادلا بين مرشحين امريكيين زحف الى ما تحت الاحزمة، لكن حين سئل كل منهما عن خصمه قالت هيلاري ان له ابناء رائعين وقال ترامب انها شجاعة ومقاتلة !!
(الدستور 2016-10-12)