سؤال مقلق .. ماذا بعد الموصل ؟

تم نشره الإثنين 17 تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 12:12 صباحاً
سؤال مقلق .. ماذا بعد الموصل ؟
محمد كعوش

وسط هذا الاستعداد العراقي الاقليمي الدولي لمعركة تحرير الموصل ، يتردد سؤال كبير بلا اجابة واضحة ، هو : ماذا بعد تحرير الموصل ؟

قبل الحديث عن حرب الموصل ، التي يعتبرها المشاركون معركة كبرى فاصلة ، أي ( أم المعارك ) ، تذكرت عبارة كتبها شاعر الاردن مصطفى وهبي التل ( عرار ) قبل ثمانين عاما ، هي أقرب الى الحكمة ، قال : « لا يأتي من الغرب ما يسر القلب « .. والغرب المشارك في تحرير الموصل ، بمشاركة رمزية اميركية ، هو الذي خلق هذا الواقع المر، ليس في العراق فحسب ، بل في الصومال وليبيا واليمن والعراق وسوريا ، وهو المسؤول المباشر عن خلق داعش والسلالة المتطرفة في كل البلاد العربية .

الحقيقة التي يعرفها العراقيون ، هي حتمية اقتلاع التنظيمات المتطرفة من العراق ، وانهاء ازمة الموصل المحاصرة من كل الجهات ، ويشارك في فرض هذا الحصار الجيش العراقي والحشد الشعبي ، وقوات البشمركة الكردية ، والقوة التركية المتواجدة في الشمال العراقي بالاكراه ، والقوات الاميركية المتوفرة مع طائراتها ، ولكل فريق هدفه ونواياه ومقاصده ، أي أن كل طرف يريد حصته من الغنيمة ( الموصل ) المدينة العراقية العربية التاريخية .

نعم ، الضحية ستكون المدينة ، أما تنظيم داعش فسيخرج سالما ، حيث سيتم ، وبضغط أميركي ، فتح ممر آمن ( كوريدور ) أمام مسلحي التنظيم للخروج من المدينة باتجاه الأراضي السورية ، حيث يكمن الدور ألأهم والأكبر لهذا التنظيم ، ويتمثل بالقتال في سوريا لأسقاط النظام وتفكيك الدولة ، وفرض مشروع التقسيم باقامة الحكم الفدرالي على قاعدة طائفية وعرقية ، وهوالهدف الغربي ألأول والأخير .

وما نخشاه ايضا ، بعد تحرير الموصل ، هو ان يستخدم الجيش الأميركي قواعده في العراق منصة لقصف مواقع الجيش السوري من الجو ، كما حدث في دير الزور في وقت قريب مضى ، بهدف اضعاف ، أو شل ، حركة الجيش السوري ، وعرقلة تقدمه في حلب وحولها ، لتمكين التنظيمات المتطرفة من البقاء والثبات في مواقعها ، وخلق أمر واقع جديد ، في حال تم الاتفاق على هدنة ، أو توافق دولي على وقف اطلاق النار .

اما بالنسبة للعراق ، بعد تحرير الموصل ، فهذه مسالة اخرى ، هي اكثر تعقيدا ، لأنني على يقين بأن ألازمة تاريخية وليست جغرافية ، وليس لها علاج في المدى المنظور ، ولن تكون معركة الموصل خاتمة الاحزان ، لأن المليشيات الحزبية الطائفية ، اصبحت اقوى من الدولة ، أو أنها ستكون أقوى بعد معركة الموصل ، وستتغوّل على النظام . وسبب مأساة العراق الراهنة ، التي امتدت من لحظة احتلال بغداد حتى هذه الساعة ، يكمن في حالة الأنكار التي يعيشها النظام العراقي الجديد ، ورفض الاخر ، وعدم التسامح بتحقيق المصالحة الوطنية والمشاركة ، ولأن الحكام الجدد في بغداد ظلوا اسرى شهوة الأنتقام .

اعتقد أن تحرير الموصل ، وهزيمة داعش ، أو هروبه ، لن ينهي الصراع الأهلي ، أوحالة التوتر في العراق ، ولن يحقق الأمن والأستقرار في بغداد ، ومن يظن عكس ذلك فهو واهم ، خصوصا اذا لم يتم ايجاد حل سياسي جذري للازمة . لذلك يجب أن يوجد في بغداد من يمتلك الشجاعة لتحقيق الحل الواقعي ، لأن التعصب والأنحياز الى الانتقام في مقدمة ألد اعداء العقل والفهم الصحيح .

اخيرا اقول انه أصبح من السهل تحرير الموصل وكسب المعركة ضد التنظيم الارهابي . ولكن على رئيس الحكومة حيدر العبادي أن يتذكر قول الفيلسوف والحكيم الصيني سون تزو صاحب كتاب ( فن الحرب ) الذي نشر في الصين قبل الميلاد بستمائة عام ، وما زال يدرس في الأكاديميات العسكرية حتى اليوم ، الذي قال : « الأنتصار في المعارك ليس هو النجاح التام . النجاح الحقيقي هو ان تكسر مقاومة عدوك ، او خصمك ، دون قتال « . المشكلة ما زالت قائمة في العراق فهل ينجح حكام بغداد في تحقيق الانتصار النهائي بايجاد حل شامل عادل ودائم للمشكلة ، واعادة العراق الى العراق ؟ هذه هي المسألة ..

(الرأي2016-10-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات