العرب بلا "ورقة التوت"!

تم نشره الإثنين 17 تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 12:14 صباحاً
العرب بلا "ورقة التوت"!
محمد أبو رمان

انتهى اجتماع لوزان الذي عقد أول من أمس، بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي، وبحضور الدول الإقليمية المعنية بالملف السوري، بلا نتائج. ثم طار جون كيري بعد ذلك إلى لندن لحضور اجتماع مع شركائه الأوروبيين لبحث ما ترتب على فشل المجتمع الدولي في إنهاء "المذبحة" الروسية في حلب!

الأهمّ من اجتماع لوزان، كان ما خرج به اجتماع الرئيس الأميركي باراك أوباما، مع مجلس الأمن القومي الأميركي؛ إذ انتهى إلى الإقرار بأنّ الخيار الوحيد المتاح أمام الإدارة الأميركية هو الخيار الدبلوماسي، وأنّ كل ما قيل عن الخيارات الأخرى هو خداع وإضاعة للوقت، فالوقت فات على ذلك.

الأميركيون سلّموا سورية للروس والإيرانيين الذين يدركون تماماً بدورهم أنّ أميركا اليوم مكبّلة، لا تملك القيام بأي شيء في سورية؛ فالبديل الآخر هو الفصائل الإسلامية، ومن ضمنها "جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً)، وهو خيار لا يفضّله الأميركيون. وتشي مبادرة المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا، بأنّ هناك "تفويضاً" دولياً للروس بإنهاء ملف حلب.

لا يختلف الوضع كثيراً في العراق، ونحن على أبواب معركة الموصل. فالصراع محتدم حالياً بين كل من إيران -ومعها حكومة حيدر العبادي- من جهة، والأتراك الذي ولجوا بجيشهم إلى شمال العراق من جهةٍ أخرى، بشأن من سيحصل على حصّة "داعش" في محافظة نينوى!

الأتراك، كذلك، منشغلون بمعارك ريف حلب الشمالي مع تنظيم "داعش"، بعد أن سحبوا أيديهم من ملف دعم المعارضة السورية المسلّحة، وأصبحت أولوياتهم منع إقامة دولة كردية في المناطق المحاذية لهم شمال سورية، وإيجاد موطئ قدم لهم في كل من العراق وسورية يحمي الأمن القومي التركي.

أمّا النظام الإقليمي العربي، فانفجرت داخله الخلافات المسكوت عنها بين السعودية ومصر تجاه الملفات الإقليمية، وتحديداً فيما يخص سورية، بعدما صّوتت مصر قبل أيام لصالح مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن الدولي، ما دفع السجالات الإعلامية بين النخب الإعلامية والسياسية في الدولتين، مرّة أخرى، إلى الواجهة، لتكشف ما يتردد في الأروقة الرسمية في الرياض والقاهرة، ولا تبوح به الخطابات الدبلوماسية المجاملة بين المسؤولين.

ولعلّ "التغريدة" التي أطلقها خالد التويجري، رئيس الديوان الملكي السعودي السابق، تختزل حجم المرارة لدى الرياض من موقف القاهرة، عندما "خاطبه قائلاً: أنسيتم مواقفنا معكم كأشقاء"! وهي مرارة تتجاوز الجانب الشخصي والعاطفي إلى الجانب الأكثر أهمية اليوم، وهو الاستراتيجي. فهناك انكشاف استراتيجي عربي غير مسبوق، منذ الحرب العالمية الأولى، عندما جرى توزيع "الحصص العثمانية" على الدول الغربية، في مرحلة الاستعمار إلى نهاية الحرب العالمية الثانية.

أمّا اليوم، فالحصص توزّع بين الدول الإقليمية والروس، ويتشكّل محور جديد قوي فاعل في المنطقة، هو المحور الإيراني-الروسي، بينما يمتد نفوذ طهران من بغداد إلى دمشق، فبيروت، وصولاً إلى صنعاء في اليمن، ما يكشف حجم الفراغ الإقليمي المترتب على غياب أي نظام إقليمي عربي فاعل اليوم.

تكشّفت هشاشة محاولات "المعسكر المحافظ" العربي إيجاد أي صيغة تؤكّد وجوده. ولم تعد هناك أي ورقة توت تغطي الواقع المرير بأنّ العرب بلا أي نظام إقليمي. وتحققت نبوءة برنارد لويس التاريخية المعروفة بأنّ الأطراف الثلاثة الفاعلة في مستقبل المنطقة العربية ستكون إيران وتركيا وإسرائيل!

(الغد2016-10-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات