الجزيرة بعد عشرين عاماً
لا يختلف اثنان على ان فارقا كبيرا احدثته قناة الجزيرة بعد مرور عقدين من الزمان على انطلاقتها، فمنذ اليوم الاول حملت القناة فوارق موضوعية عن الاعلام الرسمي جعلها محط انظار واهتمام الناس.
في منتصف التسعينيات، كلنا يذكر، ومن على شاشة الجزيرة، تلك المناظرة الشرسة بين «ليث شبيلات وعبد الرؤوف الروابدة» التي تابعها الاردنيون بشغف كبير لأنها غير معتادة وغير مسبوقة.
الجزيرة كانت رقما صعبا في كل البيوتات العربية، ففي الحروب والملمات تواجدت بكثافة واحترافية عالية، وعند الربيع العربي كانت سباقة تحاكي الشعوب وتنظق باسمهم.
منذ اليوم الاول ثارت حول الجزيرة شكوك كبيرة، وهذا متوقع، فالعرب يشكون بكل جديد، ولكن حين تأتي قناة من بلاد تعيش استاتيكية في الحكم والحركة فالتساؤلات تزيد وتتضاعف.
مهنية عالية كانت سمة لقناة الجزيرة، اما الموضوعية فقد جذبت الناس بكثافة وقوة، ولعل الحياد مسألة مترددة لا يمكن الجزم بها، فلا حياد في الاعلام والسياسة والمواقف.
النظام الرسمي العربي لم يكن مرتاحًا للقناة؛ فقد كسرت روايته، واتهمها بأنها من اهم مقاليد التوجيه، سلط عليها من يحاول شيطنتها، لكنه في النهاية اعترف بها وتعايش مع ازعاجاتها.
القوى السياسية ارتاحت لها، فقد كانت متنفسا كبيرا للجميع، لكنه ومع الربيع العربي، وبدء حالة الاستقطاب بدأ الخلاف على الجزيرة، وهنا ذهبت بعض القوى السياسية الى بدائل لم ترق لمستوى الجزيرة.
الجزيرة في سياستها اثارت الاعجاب، لكنها بمقابل أثارت التساؤلات، فقد نبشت في اشكالات مجتمعية، وغضت الطرف عن دول بعينها، وهنا كانت السياسة حاضرة والغرض ليس بالبعيد.
مع كل ذلك اقول وبثقة إن الجزيرة احدثت فارقا كبيرا في الاعلام العربي، وانها عملت على احداث مثاقفة كبيرة مع النخب والعوام، بالكل في الحدث الصعب يذهب اليها، وهذا دليل نجاح.
(السبيل2016-11-01)