أهي «الحرب» على روسيا .. بعد شيّطنتها والتخويف منها؟ (2-2)

تم نشره الأربعاء 02nd تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 12:26 صباحاً
أهي «الحرب» على روسيا .. بعد شيّطنتها والتخويف منها؟ (2-2)
محمد خروب

يبدو إذاً، وفي ظل التراشق الاعلامي القاسي والمُنفلِت المصحوب، لِأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة «الاولى» والتي امتدت في الفترة بين العامين (1947-1991) ان العالم يوشك على الدخول او هو «عاد» على ما وصفت مجلة ذي ناشيونال انترست (المصلحة الوطنية) الاميركية, الى مرحلة عام 1983 وشعار «امبراطورية الشر» الذي «نَحَتَهُ» الرئيس اليميني رونالد ريغان, مُصوِّباً إيّاه تجاه الاتحاد السوفياتي الذي كان (حتى ذلك الوقت) مُتماسِكاً وقوياً وجباراً, رغم ان ذلك العام سبق بعامين, صعود سيئ الصيت والسمعة ميخائيل غورباتشوف الى المقدِمة, وبداية مسيرة الانحدار والتفكك التي منحت ريغان وبوش الأب فرصة الشماتة والزعم بانهما شَهِدا تحقيق «الحلم الاميركي» ..انتصار الرأسمالية على الاشتراكية(..).

ما علينا..

لم تقتصر الحملة الاميركية الغربية, متعددة الاذرع السياسية والعسكرية والاعلامية على روسيا, مجرد الايحاء بان بوتين «يتحدى» النظام العالمي الذي خلقته «بنجاح» الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وبخاصة بعد ان «اقتحم» في العام 2014 اوكرانيا، ثم باشر العمليات العسكرية في سوريا, على ما قال اندرس فوغ راسموسين، الأمين العام السابق لحلف شمال الاطلسي لصحيفة «وول ستريت جورنال»الاميركية, والذي يعمل الآن (ليس صدفة بالطبع) مستشارا للرئيس الاوكراني بوروشينكو، بل وايضا في الترويج للزعامة الاميركية, باعتبارها «الشُرطي» الذي يحتاجه «العالم»، كي تنتصر وتسود الحرية والازدهار على قوى القمع، باعتبار اميركا هي المُرشّْح «الوحيد» القادر على شغل هذا المنصب, في ظل هاجس روسيا الحالي «إعادة» بناء الامبراطورية الذي كان يُشكِّلها الاتحاد السوفياتي، اما الصين فهي لا تزال «قوة اقليمية» واوروبا ضعيفة ومنقسمة كذلك، فيما الولايات المتحدة «فقط».. يمكنها منع الانزلاق نحو الفوضى. كما قال راسموسين نفسه للصحيفة الأميركية.

هذا هو «رأي»أمين عام حلف الاطلسي السابق، اما أمين الحلف الحالي ينس ستولتبرغ المتأمرك هو الآخر, فيقول الشيء ذاته ولكن بمفردات ومصطلحات اقل مُباشَرة من سلفه: العالم اصبح اكثر خطورة، مما كان عليه قبل سنوات قليلة. مُشدِّدا على «اننا مُوحدون ضد روسيا» مستطرداً بِحَذَر واضح: «روسيا لا تُشكِل تهديداً وليس شريكاً استراتيجياً.. في الوقت ذاته».

لعبة التصعيد مستمرة, وتأخذ بُعداً عسكرياً مُعلَناً ومُترجَماً, ليس فقط في المناورات العسكرية الضخمة التي قام بها حلف شمال الاطلسي على حدود روسيا وكانت ذروتها المناورة العسكرية التي جرت على الاراضي البولندية حزيران الماضي, وحملت الاسم الكودي (اناكوندا) ,شاركت فيها دول «غير اعضاء» في الأطلسي كأُوكرانيا وجورجيا و»كوسوفو» وغيرها، في رسالة واضحة من الأطلسي بأن عملية «تطويق» روسيا وإحاطتها بالنيران والقوة العسكرية «الرادعة».. مُستمِرة ومتواصِلة ,برزت ايضاً في قرارات «قمة الأطلسي» التي انعقدت في العاصمة البولندية وارسو في تموز الماضي، التي قالت: ان اي اعتداء على «أي» بلد عضو في الحلف, يمثل اعتداءً على الدول الأعضاء (شارك في القمة ايضاً الرئيس الاوكراني بوروشينكو).

فهل ثمة مؤشرات توحي بتحضير روسيا لاعتداء على اي بلد «أطلسي».

الغرب «الأوروبي» تحديداً، يعترف بأن شيئاً كهذا غير منظور في الأفق, بل ان الرئيس الفرنسي هولاند رغم مساعيه المحمومة لاستعادة دور لبلاده المتراجع على الساحتين الاوروبية والعالمية، اكد اكثر من مرة ان روسيا «لا تشكل» خطراً على اوروبا، لكن الصقور في واشنطن (وداخل «الأطلسي» ايضاً) من يديرون حملة التصعيد والايحاء بأن موسكو تستعد لـ (غزو) دول البلطيق الثلاث لاتفيا، ليتوانيا، واستونيا, مُتذرِعة تارة عزم موسكو نشر صواريخ اسكندر في «جيب» كالينينغراد المتاخم لتلك الدول, وطوراً في «التذكير» بالمسألة الاوكرانية عام 2014 (عودة القرم الى روسيا). الغرب يهدِف التغطية على عملية نشر قوات اطلسية (واميركية) على الحدود مع روسيا، لأول مرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية, في رسالة اميركية كشفها اوباما بالقول: القصد من ذلك, هو تحسين وجودنا كقوة «ردع» في وسط وشرق اوروبا .ما يستدعي السؤال التالي: ردع ضد مَنْ؟ والجواب, في ما نحسب, لا يحتاج الى «فذلكة».

عدد قوات «الرد السريع» المذكورة.. مَهُول، في الحسابات العسكرية الاوروبية والاميركية وخصوصاً في فترة «السلم». إذ يبلغ (40) الف جندي متعدد الجنسيات الأطلسية .. (خصوصاً تلك المحيطة بروسيا) فضلاً عن نشر اربعة الاف جندي على الحدود (مع روسيا) ليكونوا «جاهزين» للانضمام الى قوة الرد السريع العتيدة.

فمن يقرع طبول الحرب.. إذاً؟

العنوان والجواب على الجدار كما يُقال، واذا ما أضفنا الى ذلك كله, ما هو موجود الآن (اميركياً وأطلسياً) في منطقتنا, وما يرافق عملية تحرير الموصل من تدخل اطلسي سافر بدأ بنشر طائرات «الأواكس» الاطلسية التي تزعم دعم عملية الموصل, فيما هي تراقب وترصد القطعات البحرية والجوية الروسية, خصوصاً قاعدتي حميميم وطرطوس، فإننا نكون أمام احتمال أكثر من وارد للانزلاق الى مواجهة ساخنة, تزيد من احتمالاتها حال الحرب الباردة «الثانية» التي تُطل برأسها الآن بين الغرب الامبريالي وروسيا، مع تذكير بأن «الايديولوجيا» ليست ولن تكون, سبباً في اندلاع هذه الحرب الباردة او تلك (الساخنة), التي قد تنشب في اي لحظة بعد ان وصل الغرب الامبريالي وعلى رأسه الولايات المتحدة الى مرحلة متقدمة من ازماته المتدحرِجة,الاقتصادية والإجتماعية والمالية وخصوصاً مجريات وربما «نتائج» الانتخابات الرئاسية... الاميركية.

(الرأي 2016-11-02)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات