التيار السوري الاعمى في الاردن
يحتفي التيار السوري في الاردن، بالرئيس ميشيل عون، الذي اصبح رئيسا للبنان، والاحتفاء مرده تطابق هؤلاء سياسيا، مع المعسكر الايراني –السوري – حزب الله، بأعتبار ان هذا المعسكر انتصر، بوصول عون، حليف السيد حسن نصر الله، على اتجاهات ثانية، كانت تريد رئيسا آخرا، او ان يبقى لبنان بلا رئيس.
اللافت للانتباه، في هذا التيار، قدرته على فقدان ذاكرته، فهو يتعامى عما يريد، واذا كان هذا التيار يرفع شعارات من قبيل محاربة الصهيونية، والانتصار على تل ابيب، وغير ذلك من تيارات متصهينة، الا انه ايضا، يغفر لمن يشاء، ويحاسب من يشاء، اذ ان الجنرال ميشيل عون، كان صديقا للاسرائيليين، وكان يلتقي بهم، في منفاه الفرنسي، وفي عنقه دماء فلسطينيين ولبنانيين وسوريين، فوق حربه على السوريين، ذات زمن، ولابأس من غفران ذنوبه، مادامت «المعركة التاريخية» تتطلب ذلك!.
هي مفارقة، فذات الجنرال تحالف مع صدام حسين ايضا، ضد حافظ الاسد، والجيش السوري، في لبنان، والكل يعرف كلفة الحرب الدموية والقصف المتبادل الذي تم بين عون وقواته والجيش السوري، لكن لابأس بعد ذلك بزمن طويل، ان يقفز الجنرال الى حضن السوريين، وبالتالي الايرانيين، اعداء صدام حسين، فهو ينام في حال ويصحو في حال، فمن صديق للاسرائليين الى صديق للمقاومين، ومن صديق لصدام، الى صديق لاعداء صدام حسين، لتتجلى العبقرية اللبنانية بجذرها الفينيقي القادر على ابداع المختلف دوما.
قد يأتينا البعض، ويتكلم عن براغماتية السياسيين، وتغيير مواقفهم، وهذا مفهوم جزئيا، لكن لاتفهم الكيفية التي يغفر بها حزب الله، ومن معه، اضافة الى «صدى هذا المعسكر»في الاردن، اي التيار السوري، اقتراب عون من الاسرائيليين، وتحالفهما ضد المقاومة، فهذه ليست براغماتية، بل تصل حدودا اخرى، يصح وصفها بالسقوط الاكبر.
مصيبة التيار السوري في الاردن، انه لايفكر، فكل شيء تريده دمشق، ويريده حزب الله، يتم تبنيه فورا، حتى لو كان الانتحار بحد ذاته، فتسأل عن الشخصية السياسية لهؤلاء، وملامح كينونتهم الذاتية، والذي يقرأ مقالات هؤلاء وتعليقاتهم، يجدهم جزء من الجيش الالكتروني لدمشق الرسمية، بما يمس ذواتهم الكريمة، اذ لايعقل ان لايختلفوا مع دمشق في موقف واحد، او فكرة واحدة، وهو تيار تصح تسميته بتيار « آمين» اذ يؤمّن على كل ماتقوله دمشق الرسمية، بطريقة ساذجة وسطحية.
السقطات تتجلى بمواقف عديدة، اقلها ترديد كل الروايات الرسمية السورية، حول مقتل مئات الالاف، فلا يرف لهؤلاء جفن، ولا يمتلكون قلبا ليسألوا انفسهم، عما سيكون موقفهم، لو كان طفل احدهم في حلب او اي موقع آخر، وتعرض الى هذا الموت الذريع، لكنها تضامنات البعيدين، الذين لم يكتووا بالنار، ولايكلفهم الموقف، نقطة دم واحدة؟!.
وتبقى خطيئة التطبيل لوصول ميشيل عون الى الرئاسة اللبنانية، خطيئة كبرى، فحزب الله، ودمشق الرسمية، تعاميا عن علاقات الرجل بالاسرائيليين، وماهو ظاهر وخفي منها، ولابد من الانصار المتمثلين بالتيار السوري في الاردن، ان يتعامى ايضا عن جذر الرجل وتاريخه، مادام كل هذا يخدم المعركة ضد الصهيونية والامبريالية!!.
يأتي يوم، تتم فيه تسوية كل ملفات المنطقة، فيما «التيار السوري في الاردن» يومها، مثل «معيد القريتين»، فلاهم هنا، ولاهم هناك.
(الدستور2016-11-03)