حصة الفرد من الدخل
في خبر نشرته (الرأي) في 26 تشرين الأول أن صندوق النقد الدولي وضع الأردن في المرتبة العاشرة بين 18 دولة عربية من حيث حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ، وان هذه الحصة تبلغ 5506 دولارات.
هذا الرقم ليس صحيحاً ، لأنه يفترض أن عدد السكان 2ر7 مليون نسمة ، في حين وضعته الإحصاءات الأخيرة عند 53ر9 مليون ، ويضعه خبراء عند أرقام أعلى بكثير.
هذا يعني أن الصندوق ضخـّم حصة الفرد الأردني من الدخل بنسبة 4ر32% ، وأن حصة المواطن الأردني بالتالي لا تزيد عن 4160 دولاراً أو 2950 ديناراً فقط ، مما يؤكد تقديرات ستاندرد آند بورز بأن حصة الفرد الأردني من الدخل هذه السنة سوف تنخفض بنسبة 11% إلى أربعة آلاف دولار فقط.
لم يقل الصندوق ما إذا كان قد أخذ بالحساب أو اغفل حوالي 3ر1 مليون لاجئ سوري يشاركون في الاستهلاك مما يغير الصورة بالاتجاه المعاكس.
الناتج المحلي الإجمالي لأي بلد ليس مقياساً جيداً لحالة الاقتصاد أو نوعية الحياة في ذلك البلد ، ولذلك يبحث الاقتصاديون وعلماء الاجتماع عن مؤشرات أخرى أفضل في توضيح الصورة.
الأسوأ من الناتج المحلي الإجمالي كمقياس اقتصادي اجتماعي هو نصيب الفرد من هذا الناتج ، لأنه يعني متوسطاً حسابياً ، يفترض أن الدخل موزع على الجميع بالتساوي ، خلافاً للواقع الذي يدل على أن 1% من السكان ربما يحصلون على 25% من الدخل في بعض البلدان.
وهنا نلاحظ بأن الصندوق ما زال يقدم تقديرات متفائلة لمعدل النمو الاقتصادي ، ويتحدث عن 8ر2% هذه السنة ، و4ر3% في السنة القادمة ، حتى بعد أن أكدت دائرة الإحصاءات العامة أن أحدث نسبة نمو اقتصادي تحقق في الربع الثاني من هذه السنة كانت 9ر1% فقط ، مما يوحي بأن النمو الكلي عن السنة بأكملها لن يزيد كثيراً عن 2%.
لم يأخذ الصندوق بالاعتبار أن الصادرات الوطنية في حالة تراجع ، وكذلك حوالات المغتربين ، والمقبوضات السياحية ، والمنح الأجنبية ، كما أن نسبة البطالة بين الأردنيين سجلت رقماً قياسياً هو 8ر15%.
ربما يعتقد الصندوق أن عملية الإصلاح الاقتصادي وفق البرنامج المتفق عليه هي الحل لمشكلة تدني النمو الاقتصادي ، مع أن أهداف البرنامج تقشفية بشكل عام ، مما يمكن أن يضغط على مؤشر النمو في المدى القصير على أمل أن ينعكس بشكل نمو اقتصادي أفضل في المستقبل.
رد على الدكتور فهد الفانك
ورد إلى (الرأي) رد من سامر سنقرط عضو هيئة المديرين في شركة برايم العالمية للإستثمار
تايا نص الرد:
يقول الدكتور فهد الفانك المحترم في مقاله المنشور بجريدة الرأي الغراء بتاريخ 7/ 11/ 2016 ، بأن إرتفاع سعر صرف الدينار الأردني مقابل كل من الجنيه الإسترليني واليورو له آثار سلبية على الإقتصاد الأردني من حيث تراجع تنافسية الصادرات الوطنية وتشجيع السياحة الخارجية ، ولتعويض ذلك التراجع يقترح ان يتم رفع الرسوم الجمركية على المستوردات ورفع ضريبة المغادرة.
لقد فات على الدكتور فهد بأن أغلب صادرات الأردن الصناعية ( بإستثناء البوتاس والفوسفات ) تعتمد في مدخلات ومستلزمات إنتاجها وموادها الخام على إستيرادها من الخارج. وعندما يرتفع سعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية الأخرى ، فإن مدخلات الإنتاج الداخلة في الصناعة الأردنية والمستوردة من الدول التي إنخفضت قيمة عملاتها مقابل الدينار تصبح أقل كلفة ، وهذا يؤدي إلى تزايد تنافسية الصادرات الوطنية ، وليس كما يدعي الدكتور الفانك. أما في الدول التي تمتلك المواد الخام ومستلزمات الإنتاج الداخلة في الصناعات التصديرية ولا تستوردها ، فإن تخفيض سعر صرف عملتها يساعد في تحسين تنافسية صادراتها الأمر الذي لا ينطبق عى حالة الأردن.
إن معظم مقالات الدكتور الفانك والمكررة بإستمرار تركز على زيادة إيرادات الحكومة عبر جيب المواطن من خلال زيادة الرسوم الجمركية وإلغاء الإعفاءآت وزيادة الضرائب المختلفة ، حتى أن الحكومة أقرت في قانون ضريبة الدخل الحالي إخضاع جانب من الرواتب التقاعدية لضريبة الدخل ، وهذا ما لا يقبله منطق وفيه إجحاف كبير بحق المتقاعدين.
يعارض الدكتور الفانك خبراء صندوق النقد الدولي الذين يقترحون تخفيض ضريبة المبيعات من 16% إلى 12% مقابل إلغاء جميع الإعفاءآت التي لم تؤت أكلها. والمعروف في النظريات الإقتصادية بأن تخفيض الضرائب يعمل على زيادة الدخل المتاح للإستهلاك وبالتالي زيادة كل من الإنفاق والإستثمار والإستهلاك، الذي يساهم بنحو ثلثي النمو في الولايات المتحدة أكبر إقتصاد في العالم. وزيادة الإستهلاك تعني زيادة الطلب الكلي في الإقتصاد مما يعمل على رفع نسبة النمو الإقتصادي وبالتالي تخفيض نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي.
كما ينتقد الدكتور الفانك بإستمرار سياسة البنك المركزي الأردني الرامية إلى تشجيع النمو الإقتصادي عبر تمويله للأنشطة الإنتاجية والتنموية في قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة بحجة أن هذا التمويل يأتي من تشغيل مطبعة النقود لدى البنك المركزي مما يعمل على إطلاق شرارة التضخم (الذي ما زال منخفضا أصلا).وهذا ليس صحيحا لأن معظم التمويل يأتي من الجهات المانحة والتمويلية عبر منح أو قروض بمزايا تفضيلية للبنك المركزي ، أي بأسعار فوائد متدنية وفترات طويلة الأجل تتناسب مع الأهداف التنموية ، بحيث يعيد البنك المركزي إقراضها للبنوك العاملة في المملكة ، ليتم إعادة إقراضها للشركات الإنتاجية .
(الراي2016-11-09)