فهم الأشياء بمقلوبها!
اكثر الناس تنظيراً لعبثية الحرب الاميركية من الجو، على داعش في العراق، على اعتبارها استراتيجية الهاء عن الحرب الحقيقية على الارض، هم اكثر الناس تنظيراً لنجاح الروس في حربهم الجوية على داعش في سوريا.. بعد النجاح باخلاء قرى في الزبداني، او الغوطة، او حي الوعر في حمص من اهلها.
وفهم الاستراتيجيات المتقلب، كفهم المقال الصحفي تحكمها التفسيرات المتناقضة التي لا يلزمها المنطق بل يجرها هوى النفس من شعرها.
مرّة كتبت لـ«الرأي» عن فتى في رأس العين بالعاصمة قام بخلع شجرة حديثة الزراعة على الرصيف، وقتها حاولت ان اتفلسف في الدوافع الداخلية لمثل هذا العمل فقلت: اذا كان هذا الفتى اردنياً فان وراء هذا العمل المشين اننا درّسناه: بلاد العرب اوطاني، وان هذا الجزء من العاصمة من رأس العين ليس من بلاد العرب. او انه لا يراه هكذا. اما اذا كان هذا الفتى فلسطينياً فاننا نكون درسناه ان وطنه فلسطين فقط، وان هذا الجزء ليس من وطنه.
وقامت القيامة: يا ابو علي انت قومي فلماذا تستهدف الفلسطينيين؟!. ولم اتفاجأ، فقد كنت دائماً متهما بالتعصب الاقليمي، حين يريد بعض الناس ذلك، وكنت «ليكودياً اردنياً» لدى منظريّ الثقافة الاقليمية. وكان جوابي: اقرأوا الكلام مرة اخرى. فانا ايضا ضد الاردني الذي فعل هذه الفعلة على رصيف شارع رأس العين.. وقلت انه غير وطني. في تفسير منطقي لسلوك فردي سببه تدريسنا الخاطئ لفهم حادث واحد لا حادثين.
لكل الذين يفهمون الاشياء بعقلية اتهامية، ان يفهموا مقالا واحدا فهما ملتويا , غير ما كتبه كاتب لم يغيّر ولم يبدل طيلة نصف قرن كان فيها على تواصل يومي مع قرائه. اما التهديد بجريمة اغتيال ناهض حتر، فلا تخيف الا المجرمين الذين اطلقوا النار على الجزء الذي يفكر في شخص اردني، يتعامل بالفكر وليس بالمسدسات. واما اتهام الزرقاوي الاردني بانه قطّاع الرؤوس، فذلك افتئات لادعاء الاردنية عند الذين يفهمون الاشياء بالمقلوب، فالزرقاوي اردني لكن عقله ليس كذلك.
(الراي2016-11-09)