تسعيرة انتخابية !
قد لا تخضع هذه التسعيرة لما هو محليّ او اجنبي من العملات لأنها احيانا تسعيرة سياسية في ضوء قيمة المواطن ومدى العلاقة بينه وبين الدولة، وفي الانتخابات الامريكية الاخيرة قيل ان تكلفة الصوت الانتخابي في الحملة الواحدة بلغ اقل من خمسة دولارات، لكن الاهم من ذلك هو ما ادى اليه حاصل جمع الاصوات الذي انتهى الى فوز ترامب . والمرشحة الخاسرة والتي كظمت الغيظ انصياعا للتقاليد الديموقراطية وهنأت الخصم اللدود تكلفت حملتها اكثر من نصف مليار دولار، فهل هناك من المتظاهرين الامريكيين لصالح هيلاري من يتذكر مقولة تشرشل الشهيرة وهي ان الديموقراطية شرّ لا بد منه او انها الحل المتاح وليس الأفضل، فالديموقراطيات في الغرب اتت بطغاة من طراز هتلر وموسوليني وغيرهما، واليمين الصاعد الان في اوروبا لم يهبط الى المناصب الرئاسية بالمظلات بل جاء من الصناديق وتحت عنوان الديموقراطية وشعاراتها التقليدية .
وهناك عبارة شهيرة اخرى لجان بول سارتر عن الديموقراطية يقول فيها ماذا سيفعل الديموقراطيون باعداء الديموقراطية ؟ هل ينكلون بهم وعندئذ يناقضون اطروحتهم ؟ ام يقبلون بهم وعندئذ تتعرض الديموقراطية للخطر؟
المسألة ليست الغازا او مساجلات لفظية ، فالمجتمعات تستحق ما تفرزه من القضاة والمجرمين، وذلك من خلال منظومة القيم السائدة فيها ومن خلال بوصلتها الاخلاقية اولا !
ان التسعيرة الانتخابية تتخطى حاسوب المال الى حاسوب آخر، هو ثقافي بامتياز وما حدث في امريكا ينبىء عن تحول دراماتيكي في اتجاه البوصلة خصوصا بعد انتخاب رئيس اسود لأول مرة ، وهو الامر الذي شجّع البعض على ترقب فوز امرأة .
لكن ما حدث هو انقلاب لصالح ما يسمى الواسب اي الابيض الانجلوساكسوني البروتستانتي بصفته ذكرا وليس انثى.
(الدستور 2016-11-14)