أزمة استطلاعات الرأي
إذا كانت الحملة الانتخابية في أميركا، والنتائج التي أسفرت عنها، قد زعزعت ثقة العالم بالديمقراطية، فإن عمليات استطلاع الرأي التي قام بها مختصون، قد تكون الخاسر الأكبر للثقة والمصداقية.
في الحالة الأميركية كانت الاغلبية الساحقة من استطلاعات الرأي تضع هيلاري كلينتون في المقدمة، مما خلق القناعة بأن نتيجة الانتخابات محسومة لصالحها.
ثم جاءت النتيجة معاكسة تماماً، فهل غيـّر الناخبون الأميركيون مواقفهم بين عشية وضحاها، أم أن الاستطلاعات تعاني من عيوب تجعل نتائجها محل شك.
من ناحية المبدأ فإن الاعتماد على العينات العشوائية في التوصل إلى الرأي السائد هو عملية إحصائية تعترف بنسبة خطأ يتوقف حجمها على عدد أفراد العينة، حتى لو تم اختيارها بالأساليب العلمية المعتمدة.
من ناحية أخرى فإن المواطنين الذين يبدون آراءهم للاستطلاع قد يغيرون آراءهم في يوم الاقتراع. ولا شك أن بعض الذين أبدوا آراءهم لمنظمي الاستطلاع لم يذهبوا إلى صندوق الاقتراع، إما من قبيل عدم الاكتراث بالأمور السياسية، أو بسبب ظروف شخصية طارئة.
هذا من جهة، ولكن من جهة أخرى فإن أصحاب الاستطلاعات ليسوا بدون حجج دفاعية غير ما ذكرنا أعلاه، وفي المقدمة تعقيدات نظام الانتخابات الأميركي بالذات، حيث يأخذ المرشح الفائز بأغلبية صوت واحد كل مندوبي الولاية، علماً بأن كلينتون حصلت فعلاً على أغلبية الأصوات الشعبية ولكنها لم تحصل على أغلبية مندوبي الولايات.
نتائج استطلاعات الرأي في أميركا كانت تسير باتجاه واحد وهو أن الفجوة بين المرشحين أخذت تضيق كلما اقتربنا من يوم الاقتراع ، بل إن بعض استطلاعات الرأي التي أجريت في الأيام الأخيرة قبل يوم الانتخاب، أعطت نتيجة لصالح ترامب.
إلى هنا استبعدنا احتمالات التلاعب في نتائج الاستطلاعات بقصد التأثير على الرأي العام لصالح هذا الاتجاه أو ذاك، فالمفروض أن القائمين على استطلاعات الرأي لا يحاولون التأثير على النتائج، الاستثناء الوحيد الذي يثير الشكوك هو صياغة الأسئلة التي تستدرج إجابة معينة.
بالرغم مما حدث في أميركا فإن استطلاعات الرأي ستظل اداة هامة في قياس الاتجاهات العامة في لحظة معينة، ولكنها تبقى مجرد مؤشر عام.
ويبقى أن الاستطلاع الرئيسي الذي يعتد به هو ذلك الذي يجري عند صناديق الاقتراع.
(الراي 2016-11-15)