موسم الهجرة الى بيلارس !

تم نشره الخميس 17 تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 12:17 صباحاً
موسم الهجرة الى بيلارس !
خيري منصور

حين كتب الطيب صالح روايته الشهيرة موسم الهجرة الى الشمال، كان العالم على غير ما هو عليه الان، فالشرق كان ما يزال شرقا وكذلك الغرب والشمال، لهذا كان القادم من عالم الف ليلة وليلة والمضمخ برائحة البخور جاذبا لشقراوات لندن، او هكذا تخيل لأنه مسكون بهواجس جنسية .

الان، موجات المهاجرين تجازف بركوب البحار ، بقوارب سرعان ما تتحول الى توابيت، والغرب الذي كان ينسحر بالقادمين من الشرق اصبح يشعر بعسر هضم ديموغرافي لأن ثقافته المشبعة بالاستشراق صورت له ان هؤلاء جميعا قتلة ولديهم من فائض العدوان والشرور ما يكفي لإفساد عالمه الاخضر !

موسم الهجرة الى الشمال كان يعبر عن اشواق مكظومة لدى افارقة وآسيويين ضاقوا بعوالمهم، وبثالوث الفقر والجهل والمرض وتصوروا ايضا ان لندن وباريس وبروكسل وبرلين واخواتها هي بيلارس الاسطورية التي تخيلها الشاعر برخت وقال ان الناس كانوا يعتقدون ان من يصل الى بيلارس يشفى من المرض ويحقق الوصال بمن يحب ويصبح ثريا، لكن من حلموا بتلك المدينة واعدوا انفسهم للرحيل اليها استيقظوا ذات صباح على نبأ فاجع هو ان بيلارس قد اصابها الزلزال ودُمرت تماما ..

وسواء كان موسم الهجرة الى بيلارس او شطآن ايطاليا وفرنسا واسبانيا او الى بلاد واق الواق، فان ما يحدث الان هو ان المهاجرين جميعا بلا انصار، والاسوار تعلو كي تحول دون عثورهم على ملاذ …

لكن هؤلاء الذين يهاجرون بالجملة ويموتون بالجملة ايضا لم يهربوا من زلزال او بركان ولا من غزاة استهدفوا ارضهم وعرضهم، انهم هاربون من ذوي القربى ولديهم من الشقاء والاشباح التي عششت في الذاكرة ما يحرمهم من ان يرددوا ما قاله شاعرهم القديم وهو بلادي وان جارت علي عزيزة ، واهلي وان ضنوا علي كرام .

في العقود الماضية كانت الادمغة والكفاءات التي لا تجد لها مكانا في عقر الوطن تلجأ الى سياقات تتيح لها ان تنمو وتحقق ما تصبو اليه .

لكن ما يحدث الان هو ان المهاجرين يبحثون عن مأمن لأطفالهم وعن رغيف وليس عن مختبرات يجربوا فيها مهاراتهم العلمية.

(الدستور 2016-11-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات