تخفيض الرسوم الجمركية لقتل الصناعة الوطنية
يجب التمييز بين الإجراءات المالية التي تتخذها وزارة المالية بناءً على برنامج التصحيح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي ، وتعتبر ملزمة ، وتلك التي تتخذها الحكومة من تلقاء نفسها لمجرد أن الصندوق لا يعارضها ، وتأتي في العادة استجابه لضغوط مصالح محلية قوية.
الحاصل عملياً أن الحكومة تنسب جميع إجراءاتها الاقتصادية لبرنامج الصندوق فيما إذا كانت تتوقع مقاومة واعتراضاً ، ولكنها لا تنسب إلى الصندوق إجراءات موجودة في البرنامج ولكنها تلقى التأييد وتعتبر مدعاة للشعبية.
تخفيض رسوم الجمارك إلى مستوى 5 إلى 7 بالمائة يقال أنه تطبيق لمطالب الصندوق ، ولكن رئيس بعثة الصندوق قال لي أمام ثلاثة شهود أن الصندوق لم يطلب تخفيض الرسوم الجمركية وإن كان يرى أن هناك مجالاً للتخفيض إذا رغبت الحكومة في ذلك.
من المتوقع نظرياً أن يأتي طلب تخفيض الرسوم الجمركية من جانب الصندوق من قبيل تطبيق سياسة الانفتاح التجاري على الأسواق العالمية ، وتوجهات منظمة التجارة العالمية التي تتمنى لو تلغى الرسوم الجمركية لتسهيل انسياب السلع عبر الحدود.
حتى في أميركا ، صاحبة أكبر اقتصاد عالمي ، ترتفع الأصوات ضد اتفاقات التجارة المفتوحة بحجة أنها تؤدي لرحيل فرص العمل إلى الخارج ، فكيف يكون الحال في الأردن حيث إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية يؤدي إلى إغلاق المشاريع الصناعية التي لا تستطيع الصمود والمنافسة دون قدر من الحماية الجمركية.
الصناعة الأردنية تعاني اليوم من أسوأ وضع ، وتدل أحدث الإحصاءات على أن كميات الإنتاج الصناعي انخفضت بنسبة 9ر2% ، وأن أسعار المنتجات الصناعية انخفضت بنسبة 1ر10% وأن نتائجها المالية تراجعت بنسبة 77% عما كانت في السنة الماضية التي كانت بدورها سنة رديئة ، ومع ذلك يجري الحديث عن تخفيض الرسوم الجمركية بدلاً من زيادتها.
مستوردات الأردن في ارتفاع من الناحية الكمية ، ولكنها في انخفاض من الناحية المالية ، ويعود السبب الرئيسي إلى قوة الدينار الأردني المرتبط بالدولار ، مما يزيد الضغط على الإنتاج المحلي ، فيشجع الاستيراد ويثبط التصدير.
باختصار فإن الصناعة الأردنية مهددة بالإفلاس إذا ظلت الحكومة تتفرج على حالتها ، ولا تتخذ إجراء لمساعدتها ، بل على العكس تفكر في تخفيض الحماية الجمركية إلى 5 إلى 7 % فقط اعتماداً على توصيات غير مسؤولة.
(الراي 2016-11-22)