اقتصاد اجتماعي في مواجهة اقتصاد العجرفة

تم نشره الثلاثاء 22nd تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 11:53 مساءً
اقتصاد اجتماعي في مواجهة اقتصاد العجرفة
ابراهيم غرايبة

ثمة قاعدة واضحة بسيطة في قياس وملاحظة الفشل والتقدم في الاستثمارات والمشروعات واتجاهات الإنفاق العام والتشريعات؛ "من المستفيد؟". فإذا كانت تستهدف جميع المواطنين، فإنها تؤشر إلى الازدهار والتقدم؛ وإن كان المستفيد منها أقلية من المواطنين (أو الوافدين)، فإنها تؤسس للفشل والانقسام الاجتماعي والكراهية، وأسوأ من ذلك أنها تمثل قاعدة حدية لمتوالية متواصلة من التقدم أو الفشل، بمعنى أن النجاح ينشئ سلسلة من النجاحات الأخرى، والفشل ينشئ سلسلة متواصلة من الفشل. وهكذا، فإن خطورة المشاريع المضادة للتنمية الشاملة لا تقف شرورها عند عزلتها عن المجتمعات والناس، ولكن تنشأ حالات جديدة أكثر خطورة.

سأعرض مثالين لمشاريع وبرامج اقتصادية تؤسس لمتوالية من الفشل. أولهما، استثمارات عقارية تقوم على "نظام المجتمعات المغلقة" (Compounds). وهي نموذج في بلاد المنشأ مستمد من كون المواطنين يشكلون فئة غنية ومدللة؛ وفي الوقت نفسه هي أقلية بالنسبة لمجموع السكان الذي يغلب عليه العمالة الوافدة.

وبغض النظر عن مبررات أو أخطاء هذا النموذج في بلاده، فإن الفكرة عند تطبيقها في الأردن تعني ببساطة تمييز أقلية من المواطنين والوافدين في مواجهة أغلبية كبرى من المواطنين. ومن ثم يكون السؤال: ما قيمة الأمن والأمان اللذين نسرف في الحديث عنهما؛ إغلاق المجتمعات ضد من، طالما أننا ننعم بالأمن والأمان؟!

المثال الثاني هو التعليم المميز الذي تقدمه مدارس خاصة لفئة من المواطنين. ومن الغريب أن المحتجين على تعديل المناهج لا يلاحظون أن نسبة كبيرة من الطلبة لا علاقة لها بالمناهج الوطنية ولا تقرأ منها شيئا. فإذا كانت تجارب وتطبيقات ناجحة، لماذا لا يطالب المحتجون بتعميمها؟ وإذا كانت العكس، فلماذا لا يطالبون بإيقافها؟ أو على الأقل ليتوقف عن الاحتجاج الذين يرسلون أولادهم إلى هذه المدارس وأصحاب هذه المدارس؟ أليس محيرا أن يحتج على تعديل المناهج من يرسلون أولادهم الى مدارس تعلم التلاميذ من مرحلة الروضة مناهج أجنبية باللغة الإنجليزية، ولا يتحدثون مع أولادهم إلا باللغة الإنجليزية؟! نمضي بوعي أو متظاهرين بعدم الوعي، إلى تقسيم اجتماعي عميق وخطير.

يرد أرنولد توينبي في نظريته الشهيرة "التحدي والاستجابة"، سقوط الحضارات إلى ثلاثة أسباب: ضعف القوَّة الخلاَّقة في الأقلِّيَّة المُوجِّهة وانقلابها إلى سلطةٍ تعسفية؛ وتخلِّي الأكثريَّة عن مُوالاة الأقلِّيَّة الجديدة المُسيطرة وكفِّها عن مُحاكاتها؛ والانشقاق وضياع الوحدة في كيان المجتمع.

(الغد 2016-11-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات