حق التيمم في فلسطين

تم نشره الأربعاء 23rd تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 12:05 صباحاً
حق التيمم في فلسطين
ماهر ابو طير

مشروع الحكومة الاسرائيلية بمنع رفع الاذان في القدس وفلسطين الثمانية والاربعين، اثار ردود فعل غاضبة داخل فلسطين وفي كل مكان.

ردود الفعل المعنوية معبرة وممتازة، من رفع نواب فلسطينيين في الكنيست الاسرائيلي للاذان داخل الكنيست، مرورا برفع الاف المقدسيين للاذان من فوق بيوتهم بشكل جماعي ومؤثر جدا، يقول ان هذا الشعب ولد ليبقى، لا ليموت، اضافة الى رفع بعض الكنائس للاذان، في فلسطين، تعبيرا عن وحدة شعب، وعن روح التضامن.

كل هذا ممتاز، اضافة الى التعبيرات السياسية التي سمعناها، من عواصم رسمية، على صلة بالملف الفلسطيني، وملف القدس حصرا، ولانريد تثبيط الهمم، فأي رد فعل، ممتاز، ومطلوب، في وجه القرار الاسرائيلي، الذي على الارجح جاء ردا، على قرار اليونكسو، باعتبار ان لاعلاقة بين اليهود والحرم القدسي تاريخيا.

لكن المفارقة بالنسبة للبعض، تتجلى بتنازلنا عن كل برنامجنا، اذ بعد ان كان شعار تحرير فلسطين، كل فلسطين التاريخية، هو عنوان النضال، بات النضال لرفع الاذان، هو الطاغي، وقد استطاعت اسرائيل جرنا الى هذا المربع، اي النضال لاجل تفاصيل، وهي على اهميتها بشأن هوية فلسطين، من ناحية قومية ودينية، الا انها ليست اصل المشكلة، بل نتيجة للمشكلة، اي مشكلة الاحتلال.

هذه التراجعات في البرامج والشعارات، تتجلى في كل شيء، فقد كنا نطالب بفلسطين التاريخية، فاعترفت مجموعة اوسلو بثلاثة ارباعها، لليهود، وبتنا نطالب فقط بدولة في الضفة الغربية، ثم انحدر النقاش، نحو فتح المعابر، او السماح لاهل الضفة بالذهاب الى حيفا ويافا في العيد، للاستمتاع بالشواطئ.

ذات القصة تتكرر في غزة، فهي جزء من مشروع اوسلو، ومشروع الدولة الفلسطينية، ونرى بكل بساطة، اعادة انتاج للقضية، فبدلا من الكلام عن الدولة، وفك حصار غزة، يتراجع الحوار، نحو اصغر المربعات، السماح للاسمنت بالدخول، السماح لوقود الكهرباء بالتدفق، واخيرا السماح لامرأة مريضة بالعبور عبر حاجز ايريز او رفح.

كل قضية فلسطين، تمت اعادة انتاجها، وتصغيرها، وتقسيط اولوياتها، ففلسطين، كانت مطلوبة من كل العرب والمسلمين، وقصة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني اي منظمة التحرير، مجرد نزع للمسؤولية عن كاهل العرب والمسلمين، ورميها على تنظيم غير قادر على ادارة هذا الحمل، بل تورط لاحقا، بتسليم ثلاثة ارباع فلسطين لليهود، واذا روجع العرب والمسلمين اليوم، ردوا ان هناك ممثلا شرعيا ووحيدا وهو الذي يقرر، فيتم حشرنا في مربع صغير، ايضا، يتشظى لاحقا الى مربعات اصغر، فتح وحماس، وغير ذلك من قصص.

كيف يمكن لامة، في غمرة الغضب على منع رفع الاذان، وفي عز الابتهاج بردود الفعل المعنوية على منع رفع الاذان، ألاّ تتنبه ان القصة ليست الاذان وحسب، فالمسجد الاقصى في زمن الاحتلال الاوروبي، تم اغلاقه كليا تسعين عاما، وتم تحويله الى حظائر خيل، وهذا ادى الى اطلاق مشروع تحرير القدس، زمن صلاح الدين الايوبي، وليس النضال لاجل فتح المسجد للصلاة وحسب، وعلى هذا يمكن القول، ان التلهي بقشرة المشكلة، خطيئة كبرى، نتورط فيها، لان التعامي عن جذر المشكلة، هو البلاء الحقيقي.

اذا بقي الحال هكذا، سيأتي يوم، نناضل فيه من اجل حق التيمم، بدلا من حق العودة.

(الدستور 2016-11-23)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات