اتجاهات الدين العام
أحسنت وزارة المالية صنعاً بإعداد وثيقة توضح استراتيجية الدين العام للفترة 2016 إلى 2020، فهذه الخطة بأرقامها وجداولها تضع الصورة الكبيرة أمام صانع القرار ليرى الاتجاه الجاري، ومعرفة ما إذا كانت الامور تسير بالاتجاه المرغوب فيه الذي يستحق التشجيع ، أم أنها تسير بالاتجاه غير المرغوب فيه الذي يستوجب المراجعة وإعادة النظر.
في هذا المجال نذكر أن الدين العام الأجنبي بلغ في نهاية 2010 حوالي 4611 مليون دينار تشكل 2ر37% من إجمالي الدين العام ، ولكنه ارتفع بنسبة 100% في نهاية 2015 ليصل إلى 5ر9390 مليون دينار خلال السنوات الخمس الماضية ، ولكن مع بقاء النسبة 7ر37% تقريباً.
استمر هذا الوضع خلال الشهور التسعة الاولى من عام 2016 فلم ترتفع نسبة الدين العام الخارجي ولكن المتوقع أن يزداد الاعتماد على القروض الخارجية خلال الربع الأخير من السنة بحجة عدم منافسة القطاع الخاص في الحصول على التمويل المصرفي المحلي.
في نهاية الربع الثالث من هذه السنة بقيت حصة الدين الأجنبي كما هي تقريباً حيث لم يحدث اقتراض خارجي خلال الشهور التسعة الأولى من السنة.
هذا الوضع سوف يتغير قبل نهاية هذه السنة حيث زاد التركيز على القروض الخارجية بالعملة الأجنبية. ومن المتوقع أن ترتفع حصتها فوق 40% مما يرفع منسوب الخطورة في المديونية.
كل هذا طبيعي ومفهوم اعتدنا عليه ، ولكن الاستراتيجية التي وضعتها وزارة المالية ونشرتها (الرأي) يوم 8/ 11/ 2016 تدل على أن الحكومة تتوجه للمزيد من الاعتماد على القروض الأجنبية ، وأن حصتها الحالية البالغة 7ر37% سوف تقفز إلى 62% خلال السنوات الأربع القادمة.
نفهم أن معظم القروض الأجنبية التي تعاقدت عليها المملكة هي قروض ميسرة ، أي أنها ممتدة لآجال طويلة وبأسعار فائدة متدنية ، ولكن هناك قروضاً تجارية متوسطة الأجل بسعر فائدة يصل إلى 8ر5% سنوياً.
مخاطر أزمة المديونية تقاس بما إذا كان البلد المعني مديناً بعملته المحلية أي أنه كان يقترض من نفسه ، أم أنه مدين بعملة أجنبية يمكن أن تضعه تحت الضغط ، ذلك أن الخطورة تتركز بالمديونية الخارجية ، ومع ذلك فإن الحكومة تفضل المزيد منها بحيث ترتفع حصتها من 7ر37% إلى 62%. وهي نقطة تستحق الوقوف عندها طويلاً.
(الراي 2016-11-24)