بمناسبة بيان الثقة.. الجميع أو الأقلية

تم نشره الخميس 24 تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 12:25 صباحاً
بمناسبة بيان الثقة.. الجميع أو الأقلية
ابراهيم غرايبة

يمكن ملاحظة مجموعة من المؤشرات الواضحة والبسيطة لقياس وتقييم السياسات الحكومية، ومدى جديتها وملاءمتها للاحتياجات والأولويات الإصلاحية والتنموية: من يستفيد من البرامج والمشروعات ومجالات الإنفاق؟ فإذا كانت الموارد تعود بالفائدة على جميع المواطنين بلا استثناء، وبعدالة وكفاءة، فإن السياسات الحكومية تتجه نحو الإصلاح والتقدم. ويكون الفشل بقدر استثناء المواطنين والفئات الاجتماعية والاقتصادية، والمدن والمحافظات، من العوائد والإنفاق. على سبيل المثال، فإن شارع المطار، في توسعته وما أنفق عليه، وفي الجسور والأنفاق التي بنيت ومن استهدف من هذه المشروعات، تؤشر بوضوح إلى من يستفيد من هذه المشروعات العملاقة والأنفاق والجسور. في المقابل، فإن التدمير والإهمال اللذين يواجههما الشارع الرئيس في الأردن والممتد من الرمثا إلى العقبة من خلال الصحراء أو وادي الأردن، يؤشر أيضا بوضوح وبساطة إلى حجم الاستثناء ومقدار التهميش والظلم الذي يقع على المواطنين والمجتمعات. تسعة أعشار المواطنين والمصالح والأعمال تستهدف بالتهميش والإقصاء، وعُشرهم يستهدف بالإغداق والاهتمام!

عندما تكون أقلية من الناس هي المستفيدة من الفرص والإنفاق العام والاستثمارات والأسواق القائمة، تتشكل قاعدة "الأقلية المستفيدة"، والمؤسِسة لمتوالية من الفشل والشرور، سيكون أقلها الصراعات والانقسامات الاقتصادية والاجتماعية. فهذه الاحتكارية والأثرة تنشئان منظومة سياسية واقتصادية وتشريعية وثقافية تكرس الفشل، باعتباره المورد الحقيقي والجوهري والغاية التي تدور حولها السياسات. ويتحول الفشل إلى مصلحة أساسية يُدافع عنها. وسيبدو الفشل واضحاً ومقصوداً في المؤسسات التعليمية والمناهج والكتب المدرسية والمؤسسات العامة والثقافة والفنون والسلع والأسواق، وتمضي المجتمعات، بوعي أو متظاهرة بعدم الوعي، إلى انقسام اجتماعي عميق، لكل قسم مؤسساته ومرافقه وأسواقه ومدارسه، وثقافته أيضاً؛ ثقافة الفشل وثقافة الاحتكار.

في المقابل، فإن التقدم ليس سوى قاعدة "الجميع"، أي أن تكون الموارد والفرص موجهة الى جميع الناس. ويمكن أن تعمل المؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية بكفاءة واقتدار، وضمن الموارد المتاحة. هذا ما تقوله أيضاً الأمم المتحدة من خلال مبادراتها وبرامجها وتقاريرها للتنمية. فالدول جميعها قادرة، مهما كان مستواها الاقتصادي، على الالتزام بمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لجميع مواطنيها والمقيمين فيها: الضمان الاجتماعي، والخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، وتأمين الدخل للأطفال والعاجزين عن كسب ما يكفي من الدخل في سوق العمل والمعاقين، وتوفير معاشات تقاعدية لكبار السن. ويمكن بعد ذلك لمعظم الدول أن تتوسع في مظلة التأمينات الاجتماعية والخدماتية، وتحسين مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية. ووفق منظمة العمل الدولية، فإن توسيع مظلة التقاعد لتشمل جميع المسنين، وتأمين مستحقات الأطفال في سن الدراسة، يمكن أن يساهما في تخفيض الفقر بنسبة تتراوح بين 30 إلى 45 %. ذلك أنه، وببساطة، تمثل هاتان الفئتان أكبر نسبة من الاحتياجات والنقص في الخدمات والرعاية. كما تمثلان عبئاً كبيراً على الأسر يمكن بتخفيفه، مساعدتها على تحسين حياتها، وإعادة توجيه الإنفاق نحو متطلبات أخرى. كما أنها برامج تساهم بفاعلية في تخفيض عدم المساواة، وتتيح لجميع الفئات تحسين حياتها والاستفادة من ثمار التنمية.

(الغد 2016-11-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات