عنف بلاحدود

تم نشره الأحد 27 تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 12:25 صباحاً
عنف بلاحدود
ماهر ابو طير

تستغرب هذا الذهول الذي ينتاب الناس، عند تعليقهم على العنف في الجامعة الاردنية، فماذا يختلف هذا العنف، عن ذاك الذي رأيناه في جامعات اخرى، وبما يختلف عن ضرب اطباء المستشفيات، والاعتداء على المعلمين، والعنف في الانتخابات النيابية، والعنف في البيوت، والاعتداءات الاجتماعية، وما نراه من اعتداء على مؤسسات الدولة وموظفيها، وكل اشكال العنف الاخرى.

أسباب العنف، واضحة كما الشمس، اقلها شعور من يمارسه انه اقوى من القانون، وان هناك من سوف يساعده للخروج من مأزقه، عبر الواسطات والجاهات المتعارف عليها في هذا الصدد، فوق ان مناخات التعبئة في البلد، تؤدي الى انتاج انسان عنيف، يبدأ صباحه بهذا الفخر الزائف، الذي يتم حقن العصب العام به، بالاغاني والشعارات، وصولا الى الطبيعة الاجتماعية للانسان بشكل عام، الذي يميل الى العنف في كل المجتمعات، ولايردعه عن ذلك الا القانون، او شيوع العدالة في الحياة.

الأسوأ من العنف، هو تشويه سمعة البلد، أمام العالم، فالعرب وغيرهم الذين كان ينظرون الينا نظرة احترام، يعتبروننا اليوم، مجتمعا منفلتا غاضبا، لديه الاستعداد للقتل لاي سبب كان، ويتناسى كثيرون ان كثرة الاخبار عن حوادث العنف الفردية والجماعية، تؤدي الى تشويه سمعة بلد بأكمله في عيون الشعوب الاخرى، دون ان يبالي هؤلاء بسمعة البلد، ولا بسمعة أهلها، فالمهم هو العنف والانتقام والثأر، على خلفية اي حادث تافه.

ملف العنف تتم معالجته بذات الطريقة، أي الترميم، عبر اعتقال المتسببين، واتخاذ اجراءات قانونية، ثم يدخل على الخط الوسطاء من اجل اطفاء الحريق، وهذا سيناريو يتكرر في كل حوادث العنف التي نراها، وبرغم ان حوادث العنف انخفضت الى حد كبير مقارنة بما كانت عليه قبل خمس سنين، الا انها لا تزال تحدث كل فترة واخرى، لتقول ان هناك مشكلة عامة، اكبر بكثير، من مشكلة عنف في موقع محدد.

الذي يسأل الإدارات في المدارس الحكومية، حصرا، يقول لك ان الطلبة يمارسون العنف اللفظي والجسدي ضد بعضهم بشكل مبكر، في المدارس وخلال الاستراحات وبعد نهاية الدوام، وهو ذات العنف الذي ينتقل للجامعات، وعلى الاغلب فإن تفريغ التعليم من محتواه، ومن وجود نشاطات اخلاقية ورياضية وغير منهجية، تشغل الطلبة، يؤدي الى شيوع هذه الانماط التي تترابط مع طاقة فائضة لا يعرف هؤلاء كيفية تصريفها، سوى عبر التطاول على بعضهم البعض، وهذا أمر نراه في الجامعات، التي تم تفريغها من اي اطار سياسي او برنامج للطلبة، يستقطبهم على اساسه، بدلا مما نراه فيها هذه الايام.

يشتد العنف، كلما تراجعت الظروف الاقتصادية والاجتماعية، ويتحول الانسان، الى كتلة غضب، لاسباب مختلفة، تنفجر عند اول موقف، وهذا ما نراه في تصرفات الافراد، التي تصب بمجموعها لصالح التعصب لهوية ثانوية جمعية، بدلا من هوية الدولة، بدلا من الركون الى القانون، وبالمحصلة، يتحول كل المجتمع الى روابط تقوم على العنف، واخافة الاخرين، عبر التلويح بالعنف الكامن، القابل للانفجار الى اقصى درجة.

معالجة العنف، لا تقف عند حدود الجامعة الاردنية، بل يحتاج العنف في الشخصية الاجتماعية الى معالجة أعمق، والاغلب ان لا أحد قادر على الابحار في هذا الملف، لاعتبارات كثيرة، مما يعني ان العنف سوف يبقى سمة اساسية، قابلة للتطور، خلال السنين المقبلة، في ظل التراجعات الاقتصادية والاجتماعية، وضعف الرقابة والمحاسبة، وعدم وجود خطة، لإنهاء العنف من جذوره، بدلا من معالجة تداعياته.

(الدستور 2016-11-27)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات