السفير.. عظّم الله أجركم
![السفير.. عظّم الله أجركم السفير.. عظّم الله أجركم](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/a5d119d134d02b26f9904b7c90c19bda.jpg)
أعلنت صحيفة “السفير” اللبنانية، قبل سبعة أشهر وقليل أنّها ستتوقف عن الصدور ورقياً وإلكترونياً، فكان خبراً صاعقاً، ولكنّها عادت وأعلنت بعد أيام بأنّها رتّبت أمورها، واستمرت وكأنّ شيئاً لم يكن، على أنّ يوم أمس حمل ما لا يمكن اعتباره خبراً جديداً، فـ”السفير” ستتوقف نهائياً في نهاية السنة، وتمّ إبلاغ العاملين بذلك.
كتبتُ، هنا في هذه الزاوية، مع الإعلان الأول للموت، ما يشبه الرثاء للصحيفة، ولم أستدركه في الايام التالية؛ لأنّني أعرف أنّ المصير المحتوم محتوم، حتّى لو أتت جُرعة إطالة الحياة على فراش الموت، وها أنا أعيد نشر المكتوب، دون أدنى تحرير:
«أعرف الأستاذ طلال سلمان شخصياً، وأحترمه، وأعتبره صديقاً من بعيد، وأعرف جريدة “السفير” منذ كنتُ صبياً، وأحبّها، واحترمها، وأعرف أكثر: أنّ لحظة اعلانه عن توقفها، مطبوعة والكترونية، كانت بقدر تناول جرعة سمّ كافية لقتل قبيلة عربية بأكملها.
ولو كان من شأن “السفير” أن تُطلق وترعى أحسن رسامي الكاريكاتور العرب، الشهيد ناجي العلي فحسب، وتتوقّف هناك، فهذا سيكفيها ذِكراً في التاريخ، واحتساباً عند كلّ مَن سيذكر ما مرّت عليه الصحافة العربية المعاصرة من إبداع، فما بالكم بعشرات الكتّاب الذين صاروا نجوماً، يستأهلون أو لا يستاهلون، فتلك قصة اخرى.
والغريب أنّ هناك من يتشفى، ويشمت، في الصحيفة الرائدة التي كانت عنوان الحركة الوطنية العربية اللبنانية، ولكنّ هؤلاء الذين يستندون إلى أنّها كانت في السنوات الأخيرة أداة سوريا وإيران، لا يعطون عقلهم مجرّد وقت قصير للتفكّر، فـ”السفير” لو كانت كذلك، لانهالت عليها الأموال الآن، للاستمرار؛ لأنّ طهران يمكنها الاستغناء عن ثمن دبابة، من أجل صحيفة، في قليل القليل.
“السفير” صحيفة ورقية تدفع فواتير العصر، فليس هناك من مكان للورق، وهي صحيفة مستقلة، وليس هناك من مكان لاستقلال وسيلة إعلامية، وهي مؤسسة يملكها رجل قدر أن يضع مؤسسته العظيمة بين يديّ التاريخ، ولا نقول الآن: عظّم الله أجركم، ولا ننتظر شكر الله سعيكم، فلسنا في بيت عزاء، ولكننا نرثي، هنا، الكثير من حياتنا الماضية، ولك منّا، يا طلال سلمان كلّ الاحترام، فمثلك من تُرفع له القبّعات».
انتهى الاقتباس الذي لم يفقد مفعوله، بل لعلّ كلامه سبق وقته بقليل من الأشهر.
(السبيل2016-12-11)