يسألون: ماذا بعد حلب؟

تم نشره الإثنين 12 كانون الأوّل / ديسمبر 2016 12:34 صباحاً
يسألون: ماذا بعد حلب؟
محمد كعوش

 نقف امام لحظة تاريخية ، فقد أعلنت حلب عن ولادة زمن جديد بعد تحريرها ، واندحار الارهاب ، وبعد الحسم العسكري الذي حشر التنظيمات المسلحة الأرهابية في زاوية مظلمة تقاطعت فيها المصالح العابرة.

المشهد بمجمله ، أفقد الدول الغربية أعصابها ، وأجبرها على المطالبة بوقف القتال ، أوأنها تضغط لفرض « هدنة أنسانية « !. وهو المشهد الذي يقودنا الى طرح سؤال متداول: ماذا بعد حلب ؟ 

بعض السوريين ، أو بعض المعارضة السورية ، أعتقد واهما ، أن قوى اقليمية ودولية ستأتي اليه بالحرية والديمقراطية وحقوق الأنسان ، ولكنه أكتشف متأخرا ، أن بلاده تحولت الى ساحة حرب كونية ، ومركز صراع للمصالح الأقليمية – والدولية تحت عناوين كثيرة ، والنتيجة كانت تدمير البلاد وتخريب نسيج المجتمع السوري بكل مكوناته ، أي أن سوريا الدولة والشعب هي الخاسر الأول والأخير.

اليوم ، وبعد معركة حلب الفاصلة ، بدأ المسلحون السوريون يلقون سلاحهم ويطلبون تسوية أوضاعهم ، والعودة الى ديارهم ، وهذه الظاهرة نشطت بعد حسم معركة حلب الكبرى. أما بالنسبة للمسلحين الغرباء المنتسبين للتنظيمات الارهابية ، والذين يتم حشرهم في ادلب والرقة ، فمصيرهم مجهول لأن دولهم في الغرب والشرق والبلاد العربية لن تسمح لهم بالعودة اليها.

ولكن ، رغم هذا الواقع شديد المرارة ، هناك فرصة أمام حوار سوري – سوري لحل المشكلة سياسيا وسلميا ، عبر الحوار والمصالحة والمسامحة والمشاركة ، كي لا يتكرر السيناريو الأميركي الذي حققته بغزو العراق ، حيث قامت ادارة الأحتلال بتغيّيب المصالحة الوطنية والمشاركة ، وفجرت كل الأمراض والأزمات المذهبية والعرقية ، وسمحت ، بل شجعت ولادة ميليشيات مسلحة ، وأطلقت العنعنات القبلية ، وبالتالي تركت العراق في حالة من الفوضى وعدم الأستقرار.

بعد معركة حلب ، نحن نراهن على وعي الشعب السوري ، من أجل الأنتباه والحذر من الوقوع في الفخ الأميركي الذي نصبه في العراق وفي ليبيا ، مع اختلاف التسميات والأدوات. لأن الولايات المتحدة لن تترك للمركب السوري الأبحار في الطريق الصحيح. اللافت ان واشنطن رفعت حظر توريد الأسلحة الى المنطقة ، وخصوصا لصالح الأطراف التي تقاتل النظام في سوريا ، تحت عنوان تضليلي هو محاربة داعش ، بل ذهبت الى ما هو أبعد ، فقررت ارسال تعزيزات لقواتها في الشمال السوري ، لمساعدة وحماية التنظيمات المسلحة ، بدل ارسال المساعدات الأنسانية للنازحين من احياء حلب.

بالمقابل هناك المشروع التركي ايضا. الثابت ان التوافق الأميركي التركي يتمحور حول اسقاط النظام وتفكيك الدولة السورية ، ولكن في الجانب الآخر تتقاطع مصالحهما المشتركة في الشمال. ففي حين تريد تركيا منطقة عازلة آمنة داخل الأراضي السورية ، وقواتها بدأت بدخول مدينة الباب السورية ، بهدف طرد الاكراد من المنطقة ، نرى الولايات المتحدة تقدم العون والدعم العسكري للفصائل الكردية بهدف منحهم الأقليم الشمالي ، ضمن مشروع التقسيم ، أو الحكم الكونفدرالي.

في البداية كما في النهاية ، يبقى الحل بيد السوريين وحدهم. نحن نعرف أن قوى عديدة ، أقليمية ودولية ، تبحث لها عن مقعد حول طاولة المفاوضات ، لتفصيل الحل الذي يناسب مصالحهم ، بعد مرحلة حلب ، وبعد الأنتصار الذي سيتجاذبه أكثر من طرف ، ولكن من حق السوريين وحدهم تقرير مصيرهم واختيار نظامهم السياسي وصياغة مستقبل بلادهم.

(الراي2016-12-12)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات