حول هذا العنف الذي يضرب في كل مكان

تم نشره الثلاثاء 13 كانون الأوّل / ديسمبر 2016 12:30 صباحاً
حول هذا العنف الذي يضرب في كل مكان
ياسر زعاترة

 خلال 24 ساعة ما بين السبت والأحد فقط لا غير ضربت عدة تفجيرات دامية مناطق عديدة؛ (اليمن (عدن)، اسطنبول، الصومال، القاهرة ثم نيجيريا، وذهب فيها مئات الضحايا، وأكثر من ذلك من الجرحى.
بعيدا عن نظرية المؤامرة في تفسير هذا التفجير أو ذاك، أو الجهة المسؤولة عنه، فإن المؤكد أن هذه جميعا تدخل ضمن منظومة واحدة؛ عنوانها الأكبر حالة الفوضى في الإقليم والعالم .
كانت ما يسمى بالظاهرة الجهادية تعيش حالة تراجع قبل 2010، فتنظيم الدولة (الدولة الإسلامية في العراق) والذي كان لا يزال جزءا من تنظيم القاعدة، صار مطاردا وفقد مناطقه، وحدث ذلك بعد أن فقد حاضنته الشعبية إثر ميل العرب السنّة إلى خيار المشاركة السياسية، فيما كانت التنظيمات الأخرى من ذات اللون تعيش تراجعات مشابهة، بل رتب بعضها أوضاعه مع الأنظمة، كما في ليبيا ومصر وسواهما، وكان تنظيم اليمن على وشك أن يفعل، حيث طالبه أسامة بن لادن بتسوية مع النظام.
في العراق؛ رد المالكي بدفع من إيران على العرب السنّة بالمزيد من الطائفية والإقصاء، رغم اعترافهم الضمني بولاية الشيعة على الدولة، وحين اندلع ربيع العرب، تنفسوا الأمل من جديد، فخاضوا تجربة سلمية رد عليها بقوة السلاح، فكان أن توفرت الحاضنة الشعبية لتنظيم الدولة من جديد، ثم حدث ما يعرفه الجميع بعد ذلك في تونس ومصر واليمن وليبيا، ومن ثم سوريا.
وفي حين مرّت التجربة التونسية والمصرية بقليل من الخسائر، ومالت اليمينة إلى تسوية بدت مقبولة نسبيا، دخلت التجربة الليبية في حالة استعصاء بعد سقوط النظام، ثم دخلت سوريا في مأزق بعد رد النظام الدموي على الشعب، ومرة أخرى بقوة دفع من إيران، واكتملت الكارثة بدعم الأخيرة لانقلاب الحوثيين على شرعية ما بعد الثورة في اليمن بدعم الطاغية المخلوع.
ما لا يدركه كثيرون أن الظواهر السياسية والاجتماعية تتنفس ذات الهواء، وحين يصعد تيار ما في بلد، لا يلبث أن يصعد في المحيط، والعكس صحيح. فحين صعد اليساري أو القومي مثلا، حدث أن وصلا حتى لدول جد محافظة ، الأمر الذي ينطبق على الحالة الإخوانية وكذا على السلفية بألوانها.
بعودة داعش لقوته في العراق، وسيطرته على مناطق واسعة، وانتقاله لسوريا وإعلان ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام، توالت البيعات وازدهرت الفروع، بما في ذلك ليبيا، ما يعني أن المتسبب في كل ذلك هو جنون إيران التي حوّلت السنّة الذين كانوا دائما الأمة التي تحتضن الجميع.. حوّلتهم إلى طائفة تبحث عمن يدافع عنها، فقدم تنظيم داعش نفسه بهذه الصفة، واستعاد قصة الخلافة.
وإذا تحدثنا عن عودة حزب العمال إلى الفعل في تركيا، فأصابع إيران ليست حاضرة بدعم أجنحته المتطرفة فقط، بل أيضا بتوفير الأجواء عبر ما أصاب تركيا من حريق سوريا الذي أشعلته إيران أيضا.
في ضوء ذلك يمكن القول إن إيران هي المتسبب الأكبر في هذه الموجة الأخيرة من العنف، وهي تجني بعض تبعاتها نزيفا كبيرا من مالها، وبدرجة أقل من رجالها (تضحي بشيعة العرب)، ولن تنتهي هذه الموجة من دون توقف عدوانها، ، وسيدرك خامنئي ذلك عاجلا أم آجلا، وكلما تأخر إدراكه زادت الكلفة؛ على بلده وشعبه وعلى الأمة بأسرها، ولا رابح إلا الصهاينة، ومعهم القوى الاستعمارية التي لا تريدنا غير سوق للاستهلاك ومصدر للمواد الخام الرخيصة.

(الدستور2016-12-13)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات