شعوب يهشّ عليها بالعصا
نحاول أن نفهم المعنى والقصد من تفجير المساجد والكنائس، لقتل رجال الجيش والأمن، أو وضع سيارات مفخخة في الشوارع لا تستهدف مكاناً بعينه، أو أحداً باسمه، أو رمزاً من رموز السلطة، فلا تجد سبباً مقنعاً ولا غير مقنع، سوى عزل الشعب عن مجريات حياته، وارهابه، وتغييب مصالحه ومصيره، وحكمه حكماً مطلقاً لا يستند الى شرعية دينية أو أخلاقية، أو شرعية البساطة البدائية لما قبل التاريخ.
نقف أمام مستخلصات للأهداف البعيدة والقريبة، فالكلام واضح: نحكمكم أو نقتلكم تخضعون دون مستشفى أو جامعة أو مصنع أو مزرعة، لأنكم تستحقون. ولا تجد فرقاً بين ممارسات السلطة وممارسات المعارضة أو أهداف والسلطة وأهداف المعارضة.
في حلب نسمع من وزير الخارجية الروسي – ولي الأمر – أن الجيش السوري متوقف عن قصف حلب منذ أسبوع، لكن الجيش يقوم بالتدمير والقتل وتهجير عشرات الآلاف من حلب الشرقية.
ووزير الخارجية الروسي يقول إن هناك آلاف المسلحين غادروا حلب الشرقية، والسلطة تقول إن مئات استسلموا للجيش طيب إذن لماذا يستمر القصف بالطائرات والمدافع، ويهرب الناس من مدينتهم وبيوتهم.
أسئلة لا أجوبة عليها، فهل المطلوب تفريغ السكان من دين معين، أو مذهب معين، أو عنصر معين لاستزراع سكان من مكان ما أو دين ما أو عنصر ما.
إذا كان الارهابيون يخرجون من المدينة، أو يُسلمون أنفسهم للسلطة، فلماذا إذن تستمر هجرة عشرات الآلاف أليس ما بقي من دورهم ومساجدهم وكنائسهم وجامعاتهم ومصانعهم يمكن أن يكون مأوى لهم، بدل العراء والرعب الذي يعيشونه في براري سوريا.
وفي القاهرة، لا يمرّ يوم إلا وتحمل الأنباء مقتل عشرات الجنود ورجال الأمن، أو عشرات المصلين، أو عشرات المارين في الشوارع، فمن يقوم بمثل هذه الجرائم، أهي المعارضة الاسلاماوية؟ أم هم فصائل تقتل وتُدمر من أجل القتل والتدمير.
الارهابيون يعرفون أنهم لن يهزموا جيشاً كالجيش المصري، وأمناً كأمن مصر، اذا ما الذين يريدونه من القتل والتخريب واشاعة الفوضى العامة والجواب واحد: نحكمكم أو نقتلكم! والهدف واحد هو تحويل شعب مصر الى كمٍّ مرعوب بالمعارضة أو السلطة، وغنم يُهش عليها بالعصى.
الشعوب هي المستهدفة، والسلطة تحارب الشعب وكذلك المعارضة، فالحوثية في اليمن هي جماعة زيدية، وليسوا كل الزيدية، يريدون اخضاع كل اليمن: الزيدية والشوافع في السهول الساحلية، واليمنيين الجنوبيين، الذين وصلوا الى كل الحرية، وكل الماركسية.
وفي لبنان الشيعة هم ثلث لبنان أو هكذا يريدون ايصال لبنان الى هذا الواقع، وحزب الله ليس كل الشيعة، ومع ذلك فهو بخضوعه المطلق للولي الفقيه في طهران يريد اخضاع لبنان، بالسلاح الذي قيل إنه سلاح المقاومة، او باغتيال رؤوس السنّة والمسيحيين والدروز وتسعة طوائف أخرى، أليس ذلك هو الشعار ذاته: نتحكم بكم أو نقتلكم؟!
لا معنى لمناقشة ما يجري في وطننا العربي بالعقل والحكمة والسياسة، ومع الأسف لا يمكن تغيير ما يجري بالقوة.
(الراي2016-12-13)