المجد لهم
«للانفاليد» في باريس أهمية وطنية, لا تقل عن اهمية قبر وشعلة الشهيد في قوس النصر.. وسط باريس. والذين زاروا قبر نابليون, بعد غياب رفاته, مائتي عام.. في «الانفاليد» تنبهوا الى أن هذا المنتجع الضخم انشئ لمعوقي الجيوش الفرنسية. فمعوق الحرب لا يقل الاهتمام به عن الجنود الذين سقطوا في حروب فرنسا التي امتدت الى قرون من الانتصارات والهزائم.. وخاصة في العهد النابليوني.
وقيادتنا العظيمة, تؤسس لتقاليد تليق ببلدنا, وبجنوده الاوفياء, وقد احتفلنا بتجديد صرح الشهيد ونقل رفات احد شهداء القدس الى موقع الجندي المجهول. ولن انسى مشهد نقل رفات عدد كبير من شهدائنا حيث رافقها من مدفنهم في القدس رئيس الديوان الملكي د. خالد الكركي الى حيث مقابرنا العسكرية.. وقد بقي عدد من عرب القدس يحتفظون بقبور جنودنا الذين سقطوا في حرب حزيران.. في حدائق بيوتهم. فالقدس التي تضم قبر الحسين بن علي ملك العرب, هي القدس التي تضمهم الان.
جيشنا على خلاف الجيوش في هذه المنطقة هو الذي لم يسط على الحكم باسم الثورة، او ادعاء فشل الديمقراطية وحرية الوطن، وهو الذي بقي في كل الاحوال سياج الوطن على الحدود، والصامت الاكبر في السياسة، ونداً استحق ان يكون الملك قائده الاعلى في المملكة «النيابية الوراثية» التي عرّفها دستور طلال.. جدّ جلالة الملك عبدالله.
تقاليد الجندية الحقة هي التي جعلت من ملوك الاردن الهاشميين جنودا اولا، وهي التي حرص الملك المؤسس على تسمية جيشه بالجيش المصطفوي، مع انه لم يزد وقتها على الثلاثمائة شرطي ودركي وهجان، فالمؤسس الشهيد يعرف ان اول جيش، واول معركة في بدر لم تزد عن هذا العدد، وانه بعد عقدين من الزمان كانت خيول العرب تقف امام اسوار الصين وتهدم ملك الاكاسرة وتحجّم الروم.
إن ما يمرُّ به الوطن الاردني، والوطن العربي يجعل من القوات المسلحة المحور الحقيقي لاستقرار وامن هذه البقعة من الوطن والقوة الاعظم من قوى الحياة، في هذا الانتحار الذاتي الذي نشهده في حلب والموصل وصنعاء وطرابلس الغرب.
.. نعم القوة الأعظم من قوى الحياة القومية. وهو الجيش المصطفوي, وليس الجيش الذي يقتل شعبه. وجيش الحسين بن علي وليس جيش الشعوبيين والخوارج والانفصاليين.
ونقول مع الشاعر:
آمن قلبي بأنا شيره
بموطني بالسرو بالياسمين.
بأمتي يُبعث في صدرها
تلفّت الدنيا وحلم السنين
آمن قلبي بالفدا بالجراح
بفكرة على الارض مبسوطة
على الغد الآتي على العالمين.
.. ما في دمي غير نداء الكفاح
ما في شراييني غير اليقين.
(الراي2016-12-17)