كلُّ أردني مشروع شهادة
المفترض ألاّ يفاجئ ما حدث أمس الأول، الأحد، أي أردني فهذا البلد، المملكة الأردنية الهاشمية، قدره أن يكون في هذا الموقع الجغرافي الذي وُصف بأنه كحد السيف والذي كان ترابه أول تراب وطأته حوافر خيول الفتوحات الإسلامية وكان ثراه أول ثرى يُخضَّب بدماء الشهداء العظماء ومؤته التي تحتضنها مدينة الكرك التاريخية تشهد وبكل فخرٍ وإعتزاز على ذلك.
جاء فرسان مؤته من المدينة المنورة بقيادة جعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحه وخالد بن الوليد للحصول على السيوف «المشرقية» إستعداداً للفتوحات التي وصلت لاحقاً من سور الصين العظيم إلى الأندلس في الغرب وإلى معركة اليرموك الخالدة و»القادسية» العظيمة فالكرك كانت بداية الإنتصارات وبقيت قلعتها تحرس طرق التواصل مع الجزيرة العربية.. ومع اليمن الذي أنجب بلقيس وأروى الصليحية والرجال العظماء الذين كانت سيوفهم بيارق الإنتصارات الإسلامية.
وهكذا فإنَّ ما جرى أمس الأول يجب ألاَ يكون لا غريباً ولا مستغرباً فإستهداف الكرك، المكان والرجال والحرائر والأرض والقلعة والتاريخ، هو إستهداف للأردن وللشعب الأردني كله ولذلك فإنَّ الإنتصار الذي حققه الفرسان الأردنيون أبناء الجيش العربي وقوات الدرك والأمن العام والمخابرات الأردنية هو إستكمال لمسيرة التاريخ كلها من مؤته وبداية الفتوحات وحتى صلاح الدين الأيوبي.. وحتى حابس المجالي والشهداء الذين خضبت دماؤُهم الزكية أرض فلسطين الحبيبة.
إنه صراع بين الخير، الذي يرفع رايته عالياً عبدالله بن الحسين سليل أبطال هذه الأمة العظيمة الذين كانوا أول الفتوحات التي أولها مؤته والكرك ، وبين الشر المتجسد بهذه الشراذم الإرهابية التي تحاول بما ترتكبه من جرائم تعطيل حركة التاريخ ويقيناً أنَّ هذا الشعب العظيم الذي يقوده هذا القائد العظيم سينتصر حتماٌ في هذه المواجهة كما إنتصر السلف الصالح بسيف خالد بن الوليد وسيف سعد بن أبي وقاص في اليرموك والقادسية وكما إنتصر سيف صلاح الدين الأيوبي على «الفرنجة» وحرر القدس الشريف.
إنه صراعٌ... ولذلك فإنه على كل أردني ألا تغمض عيناه وأنْ يكون نومه كنوم الذئب:»عين ساهرة لا يغمض لها جفن وعين تختلس إختلاساً «سِنةً» من النوم... إننا في حالة حرب مصيرية وتشهد على هذا قلعة الكرك وأهل الكرك الشجعان الذين شاركوا أمس الأول (الأحد) أبطالنا، أبطال الجيش العربي والأمن العام والدرك والمخابرات الأردنية، مطاردة الإرهابيين شذاذ الآفاق في ممرات ودهاليز قلعة مؤاب العظيمة التي كانت ولا تزال شاهد الحق على إنتصارات أبناء هذه الأمة العظيمة.
لقد رفعنا ومنذ البدايات عندما إمتدت يد الغدر إلى هذا الوطن العزيز الصامد صمود الجبابرة في هذه البقعة المقدسة المطرزة بأضرحة الشهداء، شعار :»كل مواطن خفير» ويقيناً، وقد أصبحنا أمام تحدٍّ يستهدف وجودنا ومدارس أطفالنا ويستهدف قلاعنا وإنجازاتنا التاريخية، أن يكون هذا «الخفير» مقاتلاً فأردننا يستحق أن يكون شعبه كله مشاريع شهادة وعلى غرار ما فعله أبطالنا الذين خضبوا أمس الأول بدمائهم الطاهرة أسوار قلعة الكرك وتراب الكرك الطهور وكما خضب أبطال الجيش العربي بدمائهم الزكية أرض الكرامة في أرض الكرامة وأسوار بيت المقدس وكل ثرى فلسطين الحبيبة.
(الراي 2016-12-20 )