وطن الأمن والنور
جي بي سي نيوز:- كانت ساعات صعبة. الإرهاب يضرب في قلعة الكرك. أبناؤنا يرتقون شهداءً على أرض العزّ الكركيّة. عمّ الحزن والقلق والغضب. لكن سرعان ما تبدّت تلك المشاعر وقفةً وطنيّةً أكّدت مرّةً أخرى أنّ الأردنّ سيبقى وطناً للأمن عصيّاً على الإرهاب وضلاليّته.
لا حاضنة للإرهاب في المملكة. تسلّلت الظلاميّة إلى عقول بعضٍ ضلّ ففقد إنسانيّته وصار أداة دمارٍ وقتل. لكن أكثريّة الأردنيّين تدرك عبثيّة الداء الإرهابيّ وخطره، وترفضه وفكره مسخاً غريباً عن قيمها الدينيّة ومبادئهاالوطنيّة. هذا الوعي الشعبيّ هو الخطّ الأوّل في التصدّي للعصابات الإرهابيّة.
الحرب ضدّ الإرهاب متشعّبةٌ تخاض على عديد جبهات. جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنيّة قادرةٌ على التصدّي للخطر العسكريّ الأمني. وتمكّنت مؤسّساتنا الأمنيّة على مدى السنوات الماضية من إحباط عشرات المخطّطات التي استهدفت أمن الوطن وحياة أبنائه.
لكنّ أجهزتنا الأمنيّة تحتاج تعاون المواطن بسبب الطبيعة العبثيّة للإرهاب وجرائمه. فـ"داعش" بات يعتمد بشكلٍ متنامٍ على مواطنين أردنيّين تخلّوا عن إنسانيّتهم وقيمهم في استهداف أمن المملكة واستقرارها. وعليه فإنّ وعي المواطن وتنبّهه لأيّ تحرّكات أو ممارساتٍ مشبوهةٍ والتبليغ عنها أساسيٌّ في جهود إحباط مخطّطات الإرهابيّين.
وثمّة ضرورةٌ أيضاً لعدم التهاون بعد الآن مع كلّ من يروّج للإرهاب أو يتعاطف معه أو يحرّض عليه. هناك مئات الصفحات والحسابات على وسائل التواصل الاجتماعيّ تروج للإرهاب وتحرض ضد أردنيين لأنّهم يتصدّون لفكرهم الضلالي. أصحاب هذه الصفحات والحسابات، وبعضهم ممن حرّض ضدّ ناهض حتّر رحمه الله، معروفون. يجب تفعيل القانون ضدّ هؤلاء.
لا مجال للتهاون في التعامل مع الإرهاب. كلّ من يتبنّى فكره عدوٌّ للوطن، ومشروع مجرمٍ وقاتل. ويتساوى الذي يدعو للقتل ويبث الفتنة مع القاتل في خطره المحتمل على المجتمع. السكوت عن هؤلاء تقاعسٌ عن تأدية واجب الدفاع عن أمن المملكة وأهلها.
الحرب ضدّ الإرهاب حرب ضرورة نخوضها دفاعاً عن حقّنا في الحياة الحرّة المستنيرة. فرضَ الإرهابيون هذه الحرب على كلّ من يعارض لاإنسانيّتهم ويرفض محاولتهم تشويه الدين الإسلاميّ الحنيف وقيم العدالة والرحمة والسلام التي يحمل. لذلك يجب خوضها حتّى النهاية بحزم وعزيمة: عسكريّاً وأمنيّاً بسحقهم والخطر الذي يمثّلون، وفكريّاً بخطابٍ تنويريٍّ يُبثّ بفاعليّةٍ في المساجد والمدارس والجامعات وكلّ منابر التواصل العام.
لكن مهما بُذل من جهود،لا تستطيع أيّ دولةٍ في العالم تحقيق حصانةٍ مطلقةٍ ضدّ العمليّات الإرهابيّة. لذلك يجب أن نكون دائما مستعدّين لمواجهة جميع الاحتمالات، والإبقاء على جاهزيّة جميع المرافق العامة للتعامل مع أيّ حدث. ولا بدّ من إطلاق جهد تثقيفيٍّ يبيّن للمواطن كيفيّة التصرف في حال وقوع أي هجومٍ لا سمح الله.
قد ينجح الإرهابيّون في تنفيذ عمليّةٍ جبانة في المملكة. لكّنهم لن يهزّوا أمنها وثقة أهلها بدولتهم. وهذا هو اليقين الذي أكّده المشهد الذي تبلور بعد الجريمة الإرهابيّة في الكرك. فقد رسم الأردنيّون مشهداً وطنيّاً يطمئن أن وعي الأردنيّين، وحرفيّة جيشنا وأجهزتنا الأمنيّة وتفانيها، وحكمة قيادتنا، ستحبط كلّ محاولات الإرهابيّين زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة الحياة والكرامة والنور.
الغد 2016-12-25