تحديات 2017: الإرهاب لا يؤخر الإصلاح
نواجه التحديات الأمنية والإقليمية، لكن أولويات الإصلاح والتنمية تظل قائمة؛ لأن عدم الوفاء بها يزيد الهشاشة والضعف الاجتماعيين، ويزيد فرص الإرهاب ويحقق أهدافه أيضا. وستظل أمامنا، برغم كل التحديات والصدمات الناشئة عن الإرهاب، طريق صعبة وضرورية لنستكمل النقص في البنى والخدمات الأساسية؛ التعليم على النحو الذي يستوعب جميع المواطنين في سن الدراسة وفي مستوى يؤهلهم لسوق عمل متغيرة وتحديات أمنية واجتماعية جديدة ومختلفة، والرعاية الصحية التي تشمل جميع المواطنين وبمستوى من الجودة والمواصفات المفترضة، ورعاية اجتماعية تغطي المعوقين وكبار السنّ، ومنظومة نقل ومواصلات تواجه تحديات الزيادة الكبيرة في السكان والضغط على الشوارع والمدن، وتنظيم اجتماعي جديد يستوعب اللامركزية المفترض أن نبدأ بها هذا العام للوصول إلى مدن ومحافظات ومجتمعات متمكنة وشريكة في التنمية والإصلاح، واستيعاب التقنية المتاحة في الماء والطاقة لمواجهة التحدي الأساسي والمرهق لتسيير حياة معاصرة واقتصاد قادر على النمو والنهوض، وتطوير أنظمة العمل على النحو الذي يستوعب العمالة الوطنية في مجالات تغيب عنها مثل الزراعة والبناء، والارتقاء بأنظمة تخطيط المدن والبناء والسكن، وإعادة تنظيم الموارد والضرائب وإنفاقها في مستوى أفضل من العدالة والكفاءة، وأخيرا الارتقاء بالثقافة والفنون والمنظومة الاجتماعية على النحو الذي يستوعب أهداف الدولة والمجتمع والتحولات الكبرى في الموارد والمؤسسات والتعليم.
ستظل هذه الأولويات هي نفسها على مرّ السنين، ومهما كانت الأحداث والظروف المحيطة؛ لأن الإرهاب تتحقق أهدافه عندما تتراجع المؤشرات الأساسية للتنمية، فما من بيئة أفضل للإرهاب من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية.
الرسالة الأساسية للإصلاح ومواجهة التحديات هي، ببساطة، كيف ندفع الأفراد والمجتمعات والسلطات والأسواق ونحركها باتجاه الفكرة التي نؤمن بها، أو نعمل لأجلها. ولا يكفي لأجل الإصلاح صواب الفكرة وأهميتها والحجج القوية والمنطقية لتبرير السياسات والمواقف، لكن السؤال الحاكم والمرجعي هو: كيف تتحول المدن والبلدات والمجتمعات إلى شريك أساسي ومؤثر في إدارة وتنظيم الموارد والأولويات والاحتياجات؟
لقد مررنا بتجربتين تجري مراجعتهما: الدولة التي تقود عربة التنمية؛ ثم الخصخصة وإسناد جزء كبير من الخدمات الأساسية إلى الشركات. لكن العالم يمضي اليوم باتجاه إسناد دور أساسي للمجتمعات، وبناء شراكة ثلاثية قائمة على السلطة التنفيذية والشركات والمجتمعات. كيف يمكن إلهام الأفراد والمجتمعات في اتجاه العمل والتنظيم الاجتماعي حول الأولويات والمصالح الحقيقية والأساسية؟
يفترض أن انتخابات اللامركزية تعبير عن الإطار المؤسسي والمرجعي للاتجاهات المقبلة للمجتمعات. لكن الانتخابات وحدها لا تنشئ تلقائيا الواقع الاجتماعي المطلوب. وكما يقول الأسقف الجنوب أفريقي دزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام: ما نفع الانتخابات إذا لم تتحسن حياة الناس، وإذا لم تترجم الحرية إلى مياه نظيفة ومسكن وعمل لائقين والحصول على الرعاية الصحية؟!
الغد 2017-01-04