الهستيرياالإسرائيلية تجاه قرار مجلس الأمن: وقائع ونتائج

تم نشره الجمعة 06 كانون الثّاني / يناير 2017 12:36 صباحاً
الهستيرياالإسرائيلية تجاه قرار مجلس الأمن: وقائع ونتائج
اسعد عبد الرحمن

منذ صدور قرار مجلس الأمن (2334) ضد «الاستيطان» الإسرائيلي، أكد مراقبون إسرائيليون وغربيون وغيرهم على أن رئيس حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل يتصرف بشكل هستيري، في ظل ما اعتبره (وحكومته) إهانة قاسية رتبها الرئيس الأميركي (باراك أوباما) قبل مغادرته «البيت الأبيض».

وتجلت الهستيريا بشكل عام في المشهد الإسرائيلي، على ألسنة/ إجراءات الزمرة الحاكمة، ضد كل من أيد القرار الأممي، خاصة مع قرب مؤتمر باريس والتخوف الإسرائيلي من معايير توضع فيه للعودة إلى المفاوضات حول الاتفاق دائم، مع تبيان خطوط أساسية للدولة الفلسطينية المستقبلية، وفق ما تطرحه فرنسا. 

في «حفلة الهستيريا» ضد الفلسطينيين وغيرهم، عاد وزير الجيش (أفيغدور ليبرمان) إلى نفس الطروحات الكلاسيكية التي اعتدنا عليها وفي طليعتها «اللاسامية»، والممارسات المتغطرسة وفي مقدمتها سياسة «الرد القوي»، حيث أمر بوقف الاتصالات المدنية مع السلطة الفلسطينية « التي تكره وتهدد الوجود الإسرائيلي»، معتبرا ما تعد له فرنسا من «مؤتمر دولي» هو «محاكمة درايفوس بطبعة عصرية، مع فارق واحد أن هذه المرة يجلس على كرسي الاتهام بدل يهودي واحد، كل (شعب إسرائيل) وكل دولة إسرائيل»!!! كما ألغى رئيس الحكومة (بنيامين نتانياهو) زيارة نظيره الأوكراني، وأعلن أنه لن يحضر اللقاء المخطط مع نظيرته البريطانية، وأعاد سفيرين من نيوزلندا والسنغال، ومنع زيارة الوزراء الى دول أخرى «تجرأت على العصيان» ودعمت مشروع القرار الأممي، واعتبر بغطرسة مفرطة أن الرد الإسرائيلي المتشدد هو الذي سيعلم الآخرين ويغير طرق تعاملهم معها لاحقا: «لا توجد أي حكمة سياسية بالخنوع. دول العالم تحترم الدول القوية التي تصر على مواقفها ولا تحترم الدول الضعيفة التي تخنع وتحني رأسها»!!! من جانبه، قال (مايكل أورين) السفير الإسرائيلي السابق لدى اميركا: «العائق الحقيقي أمام السلام هو التحريض الفلسطيني وليست المستوطنات. إنه قرار ليس معادياً لإسرائيل فقط. إنه قرار معاد للسامية أيضاً». كما كشفت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي (تسيبي حوتوبيلي) «الليكود» الأطماع الإسرائيلية إذ أعلنت: «التوقيت الحالي ملائم لفرض السيادة الإسرائيلية على (الضفة الغربية)، علينا دعم القانون الإسرائيلي لأعمال البناء في هذه المناطق، فلا أحد يفرض على إسرائيل إملاءات لحل الصراع مع الفلسطينيين».

شاركت أوساط إعلامية إسرائيلية واسعة بانتقاد (نتانياهو) بخصوص ردود فعله الهستيرية، وفي طليعتهم رئيس حزب «يوجد مستقبل» (يئير لبيد) الذي قال: «ما نحتاج اليه الآن هو تعزيز علاقتنا الخارجية وليس إضعافها. الإهانات العلنية ليست سياسة خارجية حكيمة. يمكننا العودة الى مكانة الفخر القومي، ولكن ليس مع القيادة الحالية ولا مع السلوك الهستيري الذي نشهده».

كذلك، قال رئيس «المعسكر الصهيوني» (يتسحاق هرتسوغ): «في ضوء سلوك نتانياهو في الأيام الأخيرة لا مفر من التشكيك بوعيه. لقد فقد السيطرة، وعليه إعادة المفاتيح والاستقالة».

مع توالي الوقائع، يبدو أن القرار الأممي زاد من خطر ملاحقة إسرائيل على المستويين السياسي والعسكري أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. كما أنه سيقوي (حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS») التي ستحظى بدعم معنوي وسياسي إضافي، الأمر الذي قد يترجم بخطوات قانونية وسياسية وجماهيرية واقتصادية.

أيضا، يجب أن لا ننسى التقرير الذي من المفترض أن يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة كل 3 أشهر بشأن الموضوعات التي تطرق إليها القرار الأمني الأمر الذي سيعني أن القضية الفلسطينية عادت لتحتل أولوية أممية وهو ما يشكل الخسارة الأكبر للدولة الصهيونية.

كذلك، من الخسائر الكبيرة، طرح القرار الأممي المشكلة الإسرائيلية كموضوع خلافي بين غالبية الديمقراطيين والجمهوريين وسط الجمهور الأميركي، ما يؤثر على مقدار دعم الحزبين لإسرائيل، الأمر الذي سيعتبر مساسا بأبرز أسس «الردع الإسرائيلي» القائم على التحالف الاستراتيجي مع اميركا.

في إسرائيل اليوم، «روح انتقامية جديدة»، عالمية هذه المرة، أعلنتها إسرائيل ردا على جميع من تجرأ بالتصويت لصالح القرار الأممي. وبدل رتق الفتق، تؤدي تصريحات وإجراءات الدولة الصهيونية لتوسعة الخرق. وهذه الأيام، يكثر الحديث الداخلي الإسرائيلي عن المكسب والخسارة مع ترجيح أن (نتانياهو) فشل في الردع. بل إنه قدم، بقصر نظر تجسد بالطريقة التي أدار فيها السياسة الخارجية الإسرائيلية، هدية ديبلوماسية إلى الفلسطينيين إن هم أحسنوا استغلالها.

ونحن هنا نتحدث أساسا عن تبرئة القرار لهم أمام العالم الغربي بخصوص تحمل مسؤولية الجمود في عملية التسوية، وبأن الاسطوانة الإسرائيلية المشروخة «لا شريك فلسطينيا» باتت غير صحيحة.

الراي 2017-01-06



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات