من الجنود المرتزقة إلى الدولة المرتزقة
قرأنا وتعلمنا في دروس التاريخ القديم، عن لجوء الدول إلى استخدام الجنود المرتزقة الجوالين لمقاومة أعدائها ومنع انهيارها. ولما كان هدف هؤلاء الجنود الأول والأخير هو الغنائم لا النصر، فقد فشلت جميع الدول التي اعتمدت عليهم. لكن يبدو أن الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب، يقرأ التاريخ القديم بصورة جديدة؛ فيجد في موقف هؤلاء الجنود حكمة أو صفقة. فهم يحصلون على الغنائم أو الحوافز ولا يدفعون ثمن الهزيمة، ولهذا قرر طرح أميركا في السوق الدولية كدولة لحماية من يدفع، وفي ذهنه أنه لن يدافع.
***
لعله لا عامل من عوامل التاريخ أنتج من الحروب وإراقة الدماء أكثر مما أنتجه التعصب الديني أو المذهبي باسم الله. وفي رواية أخرى التعصب القومي باسم العنصرية أيضاً.
ويقال: إن كل تعصب نوع من الحمّى الشديدة التي تصيب صاحبها، وقد تفتك به إن لم يقتل من "يكفرهم" دينياً أو مذهبياً، أو من يتفوق عليهم عنصرياً/ قومياً.
ولعله أقوى نداء لأسوأ رغباتنا، استعدادنا للتنمر والخداع والقتل إلى جانب شعورنا بالفضيلة ونحن نفعل ذلك، ما دامت جرائمنا تتم باسم الله أو باسم القومية أو العرق الفريد.
والتعصب الديني أو المذهبي أو القومي هو اعتقادك أن دينك أو مذهبك أو قومك فوق جميع الأديان والمذاهب والأقوام، وأن عليها أن تصمت أو تختفي.
عندما تعلم المدرسة والجامعة والمعبد التطرف والإرهاب، ويقوم الإعلام بتعزيزهما، والسياسيون بالنفاق لهما، فإن لا أحد بعد ذلك يهتم بمصير البلد أو الشعب.
ليس حباً على الإطلاق: حبك لبلدك أو لدينك أو لمذهبك أو لقومك... إذا لم يكن جزءاً من حبك للإنسانية. إنه عندئذ نوع من "عبادة الأوثان".
مشكلة السلفيين -الدينيين وغير الدينيين– أنهم متشائمون بالنسبة إلى المستقبل، ومتفائلون بالنسبة إلى الماضي. السلفية بكل أشكالها أفكار مستعملة عفا عليها الزمن.
"السلفي أو المحافظ له رجِلان قويتان، لكنه لم يتعلم أبداً استخدامهما للسير نحو المستقبل".
"نعرف ما يحصل للناس الذين يبقون في الوسط أو في منتصف الطريق؛ الجميع يتجاوزونهم ويدوسونهم ويمرون من فوقهم".
ليت لجميع الناس من جميع الأعراق والأجناس والأديان والمذاهب يد واحدة، إذن لصافحتها واسترحت.
لا تمرض طويلاً فيقلّ زائروك، ولا تستغن كثيراً فيزيد حاسدوك.
لقد تعبت من العلاج أكثر مما تعبت من المرض.
الغد 2017-01-06