حرية الإنترنت في الأردن
![حرية الإنترنت في الأردن حرية الإنترنت في الأردن](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/924ba10c73138f0eb0bf4682d56bb00b.jpg)
بعد توقيف مجموعة من الناشطين على خلفية منشورات على الانترنت الأسبوع الماضي يتبادر إلى الذهن سؤال مفاده إذا كانت السلطات الرسمية قادرة بموجب القوانين النافذة على توقيف كل من يشتبه أنه تجاوز القانون في استخدام الانترنت وتحديدا شبكات الإعلام الاجتماعي، فما هو الداعي والمبرر للتلويح بقانون جديد للتنظيم الرسمي للشبكة العنكبوتية في الوقت الذي كانت بعض التقديرات تذهب إلى توقع أن الحكومة ذاهبة إلى إجراء تعديلات على الأطر التشريعية الصادرة في 2011 والتي ألزمت المواقع الإلكترونية الإخبارية الترخيص الرسمي نحو تخفيفها والاكتفاء بالتسجيل، بل من المفارقات العجيبة أن التسريبات تتحدث عن قانون يخص "الفيسبوك" ما يعني عمليا أننا بحاجة كل ثلاث سنوات على أقل تقدير لقانون جديد كلما ظهر لدينا تطبيق جديد على الإعلام الاجتماعي. لقد استثمر الأردن في العقد الماضي في مكانته على الشبكة، وعلاوة على المبادرات التعليمية تطورت السوق الأردنية بسرعة ونجحت في تقديم خبرات ونماذج نجاح كبيرة في هذه الصناعات الجديدة، ولكن للأسف في السنوات الأخيرة تراجعت هذه المكانة وتراجع الأداء الاقتصادي ولم نعد نسمع عن نماذج اقتصادية مبشرة جديدة، ويرجع جانب من هذا التراجع إلى ضغوط سياسية وعدم تطوير الرؤية الوطنية لدور شبكة الإنترنت في مستقبل التنمية، حيث أخذت مؤشرات حرية الإنترنت تتراجع بعد أن حافظ الاردن على معدل حرية جزئية خلال السنوات الماضية.
العالم كله يضيق ذرعا بالاستخدامات السيئة للانترنت وللإعلام الاجتماعي بعد أن ازداد حجم صناعة التضليل ونشر الأكاذيب بشكل بات يهدد مجتمعات ويعدّ مصدرا للقلق السياسي والاجتماعي، وعلى رغم أنه لا توجد لدينا دراسات تتقصى حجم الأضرار التي ألحقتها هذه الاستخدامات على مستوى المجتمع الأردني فإن القفز نحو المربع الأخير في البحث عن فرض المزيد من القيود على حرية الانترنت سوف يعمل عمليا على تعقيد الموقف وستكون حسبة الخسائر أكثر من المنافع.
هناك أربع دوائر يمكن للمجتمع والدولة العمل من خلالها لتقليل أضرار الاستخدام غير الملائم للانترنت قبل اللجوء إلى تضييق حرية المستخدمين؛ الدائرة الاولى: الانضمام بقوة للجهود الدولية التي أخذت تتنامى في الفترة الأخيرة في الضغط على الشركات العالمية الكبرى التي تدير شبكات التواصل الاجتماعي أو الخدمات الرقمية الأخرى بهدف تطوير آليات حقيقية جادة ونافعة ونزيهة في التعامل مع المحتوى الضار من خلال تطوير آليات الإبلاغ عن هذا المحتوى وسرعة الاستجابة في حذف هذا المحتوى، لقد بدأت بالفعل بعض هذه الشركات مثل الفيسبوك بتطوير هذه الآليات لكنها إلى هذا الوقت غير مرضية وغير فعالة. ثانيا: التنظيم المشترك وهو صيغة للتنظيم العادل الذي ينتج عن تعاون مشترك بين منتجي المحتوى ومزودي خدمات الإنترنت والجهات التنظيمية الرسمية وفي حالة الإعلام الاجتماعي يصعب التعامل مع المستخدمين أي منتجي المحتوى ما يفتح المجال للانفتاح على المجتمع المدني والمؤسسات التمثيلية، والمطلوب من التنظيم المشترك الخروج بمبادرات مشتركة حول آليات التنظيم دون ترك الحكومة وحدها تفرض ما تشاء، هنا تبرز أهمية مجلس الشكاوى ومظالم الجمهور المتضرر من الإعلام ومن الشبكة. ثالثا: التنظيم الذاتي أي دفع الأطراف المختلفة المعنية بالمحتوى والخدمات وحتى البنى التحتية لتطوير أدوات تنظيمية معلنة أمام الجمهور تلتزم بها. مثال ذلك مزودو خدمات الإنترنت وضرورة تطوير سياسات ومواثيق يفرضها مزودو خدمة الإنترنت تنص في تعليماتها صراحة أنها تمنع استخدام خدماتها بشكل مؤذ او تمييزي أو يثير الكراهية أو يروج للعنف أو الإضرار بالأمن الوطني أو الإساءة لخصوصية الآخرين، وينسحب على ذلك تطوير آليات لمدونات سلوك للناشطين على هذه الشبكات وآليات أخرى لمساءلة أخلاقية ومجتمعية لهم.
رابعا: الاستثمار الحقيقي في تطوير مهنية الإعلام المحترف، فالخبرة الزمنية البسيطة تفيد أن الإعلام الاجتماعي يزدهر وتتسع قاعدته حينما يتحول الى إعلام بديل نتيجة ضعف الإعلام المحترف وتراجع الثقة به.
الغد 2017-01-15