مخاطر المضاربة في الذهب هذا العام
أشرنا في اكثر من مناسبة الى ان الذهب هو ملجأ لتخزين القيمة عندما ترتفع مستويات المخاطر سواء السياسية او الاقتصادية او المالية واهم العوامل التي تؤثر على تحركات سعره هو معدل صرف الدولار الامريكي باعتبار ان تسعيره مثل اي سلعة تجارية يتم بالدولار وبالتالي فان العلاقه العكسية بين الدولار والذهب تنبع من حقيقة ان الذهب هو احد اهم الأدوات الذي يلجأ اليه المستثمرون ضد مخاطر سعر صرف العملات وبالتالي فان تدهور قيمة الجنيه الاسترليني واليورو وحيث هوى اليورو الى أدنى مستوى في ١٤ عام واحتمالية ان يتعادل في القيمة مع الدولار أدى الى زيادة الطلب على الذهب من قبل دول شرق اسيا خاصه الصين والهند وأوروبا مع العلم بان الذهب يعتبر ايضا استثمار أمن وجيد في الدول التى تواجه عملاتها حالات تراجع مستمر في القيمه كما هو الحال في تركيا ومصر ودوّل الربيع العربي
وإجراء ثلاثة زيادات في أسعار الفائدة الامريكية هذا العام يعني ارتفاع عائدات سندات الخزانة الامريكية مما يجعل شراءها اقل تكلفة للمستثمرين فضلا عن كونها ملاذ آمن من المخاطر مثل الذهب ومَيَّزَتها انها تدر عائدات منتظمة بخلاف الذهب والذي لايدر أية عوائد ويتكبد المستثمرون نفقات في التامين والتخزين
ورفع أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الامريكي يعتبر من العوامل ألهامة والمؤثرة على أسعار الذهب باعتبار ان اي تغيير في معدلات الفائدة سوف يؤثر على الدولار الامريكي وترفع قيمته وبالتالي تاثيره على الذهب كونه مسعر بالدولار الامريكي اضافة الى ان الذهب يصبح اكثر تكلفة للدول الاخرى التي تستخدم عملة غير الدولار
والذهب حقق مكاسب نسبتها ٩٪ العام الماضي وهذا العائد كان أفضل عائد بالنسبة للسلع الاستثمارية العام الماضي بالرغم من تعدد العوامل التي اثرت سلبا على أداءه وحيث خسر سعر الذهب ٧٪ خلال شهر تشرين الثاني العام الماضي وهو اسوأ شهر لأداء الذهب منذ عام ٢٠١٣ متأثرا بصعود كبير للدولار والعائد على سندات الخزينة الامريكية وبعد الفوز المفاجئ للرئيس ترامب والذي اثار تكهنات بان تعهداته المتعلقة بالانفاق على ألبنية التحتية ستحفز النمو والتضخم وحيث اعتبر البيع في تلك الفترة يعكس عمليات بيع على المكشوف وتسييل للمراكز
وصعود الدولار في بداية هذا العام كان رد فعل لتقرير قوي للوظائف الامريكية بينما حقق الذهب مكاسب كبيرة في بداية هذا العام بفضل مشتريات عززها حالة الغموض السياسي عقب تصريحات الرئيس الامريكي بشأن حلف شمال الأطلسي وسياسة صين واحد بينما اثار وصفه الحلف بانه عفا عليه الزمن قلق المستثمرين
وتفاوتت تقديرات شركات الاستثمار والبنوك الاستثمارية للسعر الذي قد يصله سعر الذهب هذا العام والملفت ان دوتشيه بنك توقع ان يصعد سعر الذهب الى ١٧٠٠ دولار للأوقية قبل نهابه العام الماضي وبالمقابل توقع كبير الاقتصاديين لدى ساسكو بنك ان يكون عام ٢٠١٧ عام الذهب بينما اجمعت عدة جهات استثماريه ومالية على ان تحرك سعر الذهب خلال هذا العام سيتراوح بين ١١٥٠ الى ١٢٥٠ دولار وشراء الذهب عند هذه المستويات يمثل فرصة ثمينة لإعادة تكوين المراكز المالية سواء للبنوك المركزية على صعيد الاحتياطات او المحافظ الاستثمارية الصغيرة والكبيرة وهذا مايفسر شراء روسيا ٤٨ طن من الذهب في اكبر شراء شهري منذ عام ١٩٨٨ وهنا لابد من الاشارة الى ان هنالك علاقه طردية بين التضخم وسعر الذهب وارتفاع مستوى التضخم في الولايات المتحدة سوف يساهم في الإقبال على شراء الذهب باعتبار ان ارتفاع معدل التضخم يعني تراجع القوة الشرائية
وانتشار الشائعات والأخبار في الصحف الهنديه في نهابه العام الماضي حول اتجاه الحكومة الهندية الى فرض حظر على استيراد الذهب من الخارج وفرض هذا الحظر سيشكل ضربه قويه للطلب على الذهب خصوصا وان الهند تستورد حوالي ٧٠٠ طن من الذهب سنويا يمثل ٣٠٪ من الانتاج العالمي.
الراي 2017-01-26