منشار ترامب وبصلته المحروقة
يصفه البعض بمخطط جهاز (ريختر) يسجل زلزالاً عالمياً يقلبها رأساً على عقب. ورأه صديق نافذ البصر، بأنه منشار أكول نهوم (يهرف رايح جاي). وفسرته زميلة ضليعة بتحليل التواقيع ونفسيات أصحابها، بأن خربشة دونالد ترامب، ليست سوى نبضات قلب تضخم بعد تكلس بليد في الأوردة والشرايين.
أما عرافة الفيسبوك (زرقاء السلامة) فقالت بعد أن ذرفت إعجابها حزناً ورأفة لحال عالمنا الأحمر: هذا شخص بركان، متهور كلغم ارضي، سريع الغضب والرضا. لن يثبت على حال ومآل. ستراه ليلاً هنا، ونهاراً هناك. ينقض ما يبنيه في ظهر الغد.
بعدما رأينا الرئيس الجديد يستعرض توقيعه العجيب عقب إمضائه أمراً تنفيذيا من شأنه أن يضع كل الناس في سلة الإرهاب، ويمتن جذوره ومنابعه عوضا عن تجفيفها وقطعها. بعد التوقيع تذكرت ما حل بقرية ذات ضعف حينما هرع رجال القبيلة إلى شيخهم ليقرأ رسالة وصلتهم من السرايا وهم يتوقعون فيها شراً كبيراً.
الشيخ الجليل لم يقل إنه أميٌّ، لا يعرف القراءة، ولم يدخل مدرسة أبداً، بل أخذ يتأمل الرسالة ويقلبها بيدين متغضنتين، ويجعل أسفلها عاليها وعاليها أسفلها، ثم يديرها 180 درجة حتى زاغ بصره قبل أن يقرأ محشرجاً ودمعة عالقة بزاوية العينين: خطوط طايحة، وخطوط طالعة، وإن سلمتم من الطالعة، لن تسلموا من النازلة.
المتأمل توقيع الرئيس ربما سيراه منشارا يقطع على الجانبين. لكنني أراه خطوطاً طايحة وأخرى طالعة، فنحن أمام شخصية زنبركية إنفعالية، معنية بالفعل، مهما كان نوعه وشكله، لكنه شخصية لا ترى أبعد من ساعتها، وسيكون حالنا معه كمجنون رمى حجرا في بئر يعيي العقلاء إخراجه.
ترامب بتسرعه يريد أن يقول لنا أنه سيعيد ألقاً مطفأً لإمبراطورية بارت أضواؤها، ولكن بطريقة الهجوم على كل الجهات والجبهات متخذا سياسة (أبو بصلة محروقة)، الذي يتعجل ويسحبها من الجمر يحسبها ناضجة، بعد أن اسودت قشرتها.
يرى محللو التواقيع أن ظهور علامات مثل المخالب دلالة إثبات الذات ولو بالقوة، وكأن الشخص يريد أن يثبت نفسه ولو بالقوة البدنية، وهو غالباً ما يكون محباً للتحدي والتنافس. ولهذا يريد أن يبدو منشاراً يقطع كل ما في طريقه. لكنه يبدأ من النهايات، وسيعود رغما عنه إلى البدايات. فالسياسة ليست توقيعاً منشاريا، أو ناراً (تشعط) البصلة وتحرق قشرتها، وتتركها بلا استواء أو نضج. إعقل يا زلمة.
الدستور 2017-01-31