جنيف بـ «من حضر».. والمناطق الآمنة «مشروطة»!

تم نشره الخميس 02nd شباط / فبراير 2017 12:59 صباحاً
جنيف بـ «من حضر».. والمناطق الآمنة «مشروطة»!
محمد خروب

رغم الضبابية وعدم الوضوح, ان لم نقُل الارتباك والتخبط اللذين يحكمان خطوات وقرارات الادارة الاميركية الجديدة, وارتفاع وتيرة الاحتجاجات الرافضة لدوافع ادارة ترامب من وراء كل هذا الضجيج الذي تُخلِّفه قراراتها على المشهدين الدولي والاقليمي، فان الأمور في منطقتنا وبخاصة على مسار الازمة السورية، آخذة بالتبلّور والنضوج، ان لجهة ما تكرِّسه موازين القوى الميدانية من حقائق ومعطيات, وبخاصة تزايد القناعة بان «لا حل عسكريا للازمة» وان الذين راهنوا على مواصلة الحرب في سوريا وعليها قد هُزِموا او هم في طريقهم الى والتسليم بهذه الحقيقة المُرّة التي عليهم «تجرّعها»، ام لجهة الراهن المُزري الذي هي عليه المعارضات السورية بشقيها السياسي والعسكري، حيث بان للجميع ان هيئة التفاوض المنبثقة عن مؤتمر الرياض وإئتلاف اسطنبول, قد باتا في دائرة الافلاس السياسي والاخلاقي, وان المجموعات المُسلّحة التي تستعر في صفوفها المواجهات العسكرية وحرب التصفيات, قد كشفت عن مدى ارتهانها لمشروعات وخطط الدول الممولة, التي لا تريد لسوريا ان تستعيد دورها وان تبدأ مرحلة التسوية السياسية القائمة في الاساس على إبعاد قوى التدخّل الخارجي, عربياً كانت ام غير عربي, وترك السوريين انفسهم ليقرروا ما يريدون لبلدهم ان يكون عليه, بعد هذه الحرب الاجرامية على بلدهم ودولتهم.

في هذا المشهد.. الذي يبدو اقرب الى المرحلة الاخيرة من «ماراثون» البحث عن تسوية سياسية, تنهض في الاساس على خيارات السوريين وحواراتهم في ما بينهم، يتبدّى امران في غاية الاهمية والخطورة, احدهما يشكل إمتداداً لِمنصة استانا التي انهت اعمالها مؤخرا, ولفتت «هوية» المتباحثين الانظار وبخاصة من جانب «المعارضات», كونهم من الفصائل العسكرية, ما اوصل رسالة واضحة لمن يدّعون انهم الممثلون «الوحيدون» للمعارضة السورية, بان قطار جنيف يُوشِك على اطلاق صافرته, وان التحاقهم به مسألة وقت، وإلاّ فانه سينطلق بدونهم, وهو ما اعلنه المبعوث الدولي دي ميستورا عندما حدّد العشرين من شباط الجاري موعدا لاجراء مباحثات السلام بين السوريين, وانه ابلغ مجلس الامن (في جلسة مغلقة يوم امس) انه سيُوجِه الدعوات لمحادثات جنيف الجديدة بدءاً من 8 شباط الجاري، «مُحْذِراً» اطراف المعارضة من انه سيلجأ الى اختيار مفاوضيها اذا لم تتفق على «وفد مُوحّد».. ما يعني في وضوح ان هامش المناورة امام هؤلاء الذين ظنوا او هكذا صوَّر لهم داعموهم, انهم يُمسِكون بخيوط اللعبة, وان لا حل بدونهم وان لا مفاوضات دون ان يظهروا على الشاشات ويتحلّق حولهم الصحافيون, ويحيط بهم رجال الامن كالسوار، خوفاً على مقاماتهم العليا. 

خدعوا انفسهم وها هم يقتربون من مواجهة ساعة الحقيقة, ولم يتردد رئيس الدبلوماسية الروسية الذي ابدى قدراً غير يسير من طول النَفَس والهدوء على استفزازات «معارضة الرياض» وابتزازها الذي لا يتوقف ,يقول بالفم الملآن, ونحسب ان الرعاة الثلاثة يشاركونه الرأي فضلا عن الامم المتحدة وطيف واسع من الدول الاقليمية والدولية ذات التأثير،يقول لافروف: في ما يخص اولئك الذين يطرحون شروطاً (لا) تتضمنها قرارات مجلس الامن الدولي، اعتقد ان علينا التحلي بالصبر ومواصلة توجيه الدعوات اليهم، لكن – يُضيف– لا داعي لان نحاول اقناعهم او نتوسل اليهم، موضحا في حسم: ان الجولة القادمة من مفاوضات جنيف يجب ان تجري بـِ»مَن حضَر» ,على الرغم من تأكيده على ضرورة توجيه الدعوات الى مَنْ وصفَهم بِـ»المعارضين المعروفين».. لافتا الى مسألة مهمة: إننا نفضل طبعا ان يتم تشكيل وفد موحد، لكننا لا نرى مصيبة في عدم حضور وفود عدة.

الرسائل اكثر من واضحة ومباشرة في معانيها وأبعادها, والكرة في ملعب الذين لم يفيقوا بعد من اوهامهم وغرورهم, خصوصا بعد ان «انعشت» تُرّهات ترامب(التي راهن عليها اردوغان)، خزعبلات هيئة رياض حجاب وائتلاف انس العبدة، ونقصد هنا الحديث الذي اخذ قسطا من الصدارة في الاسبوع الجاري, وهو الدعوة الاميركية لإِقامة مناطق آمنة في الدخل السوري.

فهل ثمة امكانية لاقامة مناطق.. كهذه؟

الاجواء الدولية والوقائع الميدانية ويوميات الداخل السوري المتلاحقة التطورات, والمائلة كلياً الى جانب الدولة والجيش في سوريا, تشي بصعوبة نجاح دعوة كهذه, بافتراض التعاطي معها بحُسن نيّة, رغم ان ليس هناك وجبات مجانية, او ان واشنطن ـــ ايا كان شاغل المكتب البيضاوي ـــ لا تخدم الاّ مصالحها ولا تسعى الا لصب الزيت على النيران اي ازمة ترى انها لم تحقق اهدافها الاستعمارية، لهذا جاء الردّ الرسمي السوري, مُتزِناً ومُتماسِكاً وشجاعاً بالقول: إن اي محاولة لإقامة مناطق آمنة للاجئين والنازحين, دون تنسيق مع الدولة السورية, هو «عمل غير آمن ويُشكِّل انتهاكاً للسيادة السورية».. الرسالة واضحة, كما ان موسكو التقت ايضا مع مضمون الرسالة السورية, وإن بدبلوماسية مقصودة في اشاراتها لادارة ترامب «..نحن سنستَوضِح حول هذا الموضوع في اطار حوارنا مع الشركاء الاميركيين» قال سيرغي لافروف, لافتاً الى مسألة مهمة وهي: ان الادارة الجديدة تطرح هذه الفكرة بصيغة «تختلف»عن الافكار التي سبق ان طُرِحت في المراحل الماضية للازمة السورية, واعني هنا – والكلام للوزير – الافكار الخاصة بانشاء «منصة مُعيّنة» في الاراضي السورية،لإنشاء حكومة بديلة واستخدامها كمنصة انطلاق لإسقاط الحكومة.

الراي 2017-02-02



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات