السطو الإلكتروني حرب المستقبل
إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية ، وهي مهد الكمبيوتر ، لم تستطع أن تحمي أجهزتها الإلكترونية من تدخل روسي أو صيني أو إرهابي للعبث بها فمن يستطيع؟.
وإذا كانت مجموعة التأمين العالمية (لويدز أوف لندن) تقدر خسائر الشركات العالمية الكبرى نتيجة للسطو على أجهزتها ، وسرقة معلوماتها ، أو دس معلومات مغلوطة تبلغ 400 مليار دولار سنوياً ، فأين هي الشركات أو البنوك المعصومة من السطو الإلكتروني؟.
إذا كان الأمر كذلك فإن جميع أنظمة الكمبيوتر الحكومية والخاصة معرضة للسطو والسرقة ، مما يوجب عمل شـيء ، إن لم يكن لتحقيق الامن المطلق لهذه الأنظمة ، فعلى الأقل لحصر الخطر في أضيق نطاق.
مع أن الأردن شهد عمليات سطو إلكتروني وتدخل خارجي ، إلا أنه ليس هدفاً بارزاً لهؤلاء المحترفين ، سواء كانوا يعملون لحسابهم الخاص كلصوص ، أو لحساب حكومات وأجهزة استخبارية.
المشكلة أن عمليات السطو والتدخل غير المشروع لسرقة معلومات أو دس معلومات خاطئة وإشاعات ، لم يعد عملاً فردياً ، يقوم به بعض الهواة ، بل عمل رسمي تقوم به أجهزة حكومية متخصصة ، لعل آخرها ما يقال من أن روسيا قامت بالتأثير إلكترونياً على سير الانتخابات الرئاسية في أميركا لصالح ترامب. ويقال أن المنظمات الإرهابية ، داعش وإخواتها ، ضليعة في هذا الفن بقصد نشر دعاياتها ومبادئها وتجنيد عملاء لها.
التدخل الإلكتروني أصبح جزءاً من عمل أجهزة المخابرات حول العالم. ومن المؤكد أن إسرائيل لا بد أن تكون متقدمة جداً في هذا المضمار ، وان العالم العربي هو ميدان عملها المفضل ، وهناك فريق يختص بمتابعة المشروع النووي الإيراني قد يسمح لإسرائيل بالتدخل وربما تفجير بعض المفاعلات عن ُبعد دون اللجوء إلى إلقاء القنابل وشن حرب صريحة عالية التكاليف.
إذا حدث اليوم تفجير لأحد المرافق النووية في إيران فإن الأرجح أن ذلك لم يحدث صدفة بل هو من فعل فاعل.
الكمبيوتر عنوان المجتمع المعرفي الذي نتطلع إليه ، وإذا كنا لا نصنع الكمبيوتر ، فلا أقل من أن نبدع في اسـتخدامه. وقد ثبت أن للأردن ميزة في هذا المجال ، ونجحت تجارب رائدة ، ولكن هذا النشاط لم يتحول بعد إلى صناعة متكاملة أو قطاع اقتصادي قائم بذاته ، وله إسهامه ليس فقط تجاه الناتج المحلي الإجمالي بل أيضاً تجاه أمن البلد ومرافقه الحيوية.
الراي 2017-02-03