الكلام كثير والمطلوب واحد
تحصين امين عمان من المسؤولية القانونية لقراراته خطأ جسيم بكل المقاييس، فهو يعيدنا الى الزمن القديم يوم كان بابا روما مقدساً ومحصناً. سوى انها الحصانة المحصورة بالتعاليم الدينية فقط؟
أما ربط حصانة امين عمان من المساءلة بموافقة رئيس الوزراء فهي خطأ مضاعف لان رئيس الوزراء ذاته غير محصن من المساءلة.
هذا العبث الكلامي اشبه بقصة ترفيع وكيل الامن، الذي اشغل مجلسي النواب والاعيان، وارغمهما على الجلسة المشتركة للخروج من هذه «المعضلة الوطنية» التي تهدد الوطن، مع ان الموضوع موضوع قرار اداري يتوافق وزير الداخلية ومدير الامن عليه في جلسة يجب ان لا تطول اكثر من نصف ساعة.
هل عند مجلس الامة هذا الوقت الذي يدخل في ترفيع او عدم ترفيع وكيل الامن؟ وهل عند لجنته المالية والقانونية شجاعة توجيه البنك المركزي الاردني في وظائفه التي حددها قانونه، واعطاها هذا الاحترام الذي جعل منه المؤسسة الوحيدة العاملة بصمت وكفاءة، في زمن «لهمطة الحكي» وتشعيب الالسنة التي لا تهدأ في الافواه.
لا احد محصّن في الدولة سوى جلالة الملك، رأس السلطات الثلاث، والقائد الاعلى للقوات المسلحة، الذي يحكم ولا يملك، وقد أعفي طلال بن عبدالله رحمه الله وخسرناه بقرار من مجلس النواب، استند الى تقرير طبي وقعه عدد من اطباء البلد مكلفين بقرار وزاري.
لماذا يكون امين عمان محصنا من المساءلة القانونية؟ وكيف يوافق رئيس الوزراء على حلّه من هذه الحصانة إذا كان هو نفسه غير محصن؟ وكيف كانت امور الامناء: هزاع المجالي وعبدالرؤوف الروابدة، ود.ممدوح العبادي، ونضال الحديد؟ فيما عدا الاشاعات والرزالات التي تناولتهم هل كان اهل عمان يشكون ونحن، جيلنا يعرف عمان ايام كانت اربعين الف ساكن الى ان اصبحت اربعة ملايين.
طبعاً كنا نتشكى دائما، لكننا كنا نعيش في اهنأ بلد في الدنيا، لانها بلدنا، ولم نكن غرباء عن فقرها وحاجاتها ومشاكلها ولو كان بمقدور الاردنيين لذهبوا الى لندن وباريس ونيويورك وهاجروا الى الظل والخضرة والحياة الطرية، لكن عمان بلدنا، وهذا ينهي الجدل.
على من يتولى امانة عمان ان يبقى مواطناً بدل ان يصبح بابا روما، وعلى رئيس الوزراء ان يتنازل عن جعله محصنا من المساءلة او غير محصن فالرئيس ذاته غير محصن، وهذا الكلام يذكرنا بان الوقت لا يسمح لهذا النمط من الترف، فرأس الدولة مشغول الى أذنيه في معركة الحياة والمصير، فهو الذي يحمل بين يديه القويتين بلدنا، وجيراننا، فهل حِمله يسمح لنا ان نلعب لعبة الوكيل في الامن، او تحصين موظف عام اسمه امين عمان.
الراي 2017-02-04