الغرب كما نتخيله !
الى متى سيظل العالم العربي يدفع ثمن الجهل المزدوج بواقعه اولا وبالغرب الاوروامريكي ثانيا ؟
الجهل بالواقع هو سبب البلايا كلّها، لأن ابسط بديهية فيزيائية وتاريخية هي ان الضغط يولد الانفجار، ومن يزرع الحنظل لن يحصد الكمثرى او الكرز، والفيلسوف الذي قال قبل اكثر من الفي عام اعرف نفسك اولا لم يخطر بباله ان هناك في هذا العالم أقواما تنفق كل ما لديها من طاقة ووقت كي تجهل نفسها، وتتخيل انها على النقيض من حقيقتها !
جهل الذات يفضي بالضرورة الى جهل الاخرين، بحيث يصبحون مجرد اشباح او انعكاسات لنا لأن المصاب بعمى البصيرة حتى لو كان بصره احدّ من بصر زرقاء اليمامة لا يرى غير ما يريد رؤيته ولا يسمع من كل الاصوات الا صدى صوته ! ويتوهم بأنه محور الكون وان الشمس تشرق لأجله فقط، وقد يردد ما قاله الحمداني اذا متّ فلا نزل القطر !
في الدراما الخليجية التي بدأت قبل سبعة وثلاثين عام ولم تصل آخر فصولها بعد كان عدم الوعي بالغرب وانماط تفكيره سببا مباشرا لكل ما جرى، سواء من الناحية العلمية او الثقافية، ومن كتبوا القصائد التي تعج بصهيل الخيل وتتلألأ فيها السيوف وهم يخوضون حربا الكترونية ، اكتشفوا بعد فوات الاوان أنهم طبعة جديدة وباللغة العربية من دونكيشوت، وان كانت سيوفهم قد تكسّرت على بعضهم وليس على طواحين الهواء !
ومعظم ما يتم تداوله الان عبر الاعلام العربي عن امريكا وما جرى فيها من تحولات دراماتيكية يعبر عن قصور شديد في وعي الغرب وفيه اسقاطات سياسية ونفسية من فائض الباترياركية والثيوقراطية التي تتحكم في المقاربات التي لا تتخطى ردود الافعال وما تحمله الرياح السياسية الموسمية القادمة من وراء البحار !
ومن رفعوا شعار اعرف عدوك بعد هزيمة حزيران فاتهم ان يقولوا اعرف نفسك اولا، لأن الجهل بالذات يحجب الحقائق كلها واخيرا يدفع نرجس المفتون بصورته على صفحة الماء ثمن اوهامه ويغرق لكن في دمه ودم ذوي القربى هذه المرة !!
الدستور 2017-02-05