يحدث في المرحلة الانتقالية الرمادية !!
الجرح العربي عميق عميق قد لا يلتئم في وقت قريب، ولا أحد يملك سحر القوة لاجبار التاريخ على اكمال دورته بسرعة من أجل اجتياز سلبيات المرحلة الانتقالية الرمادية الدامية.
كل ما نعرفه اليوم هو أننا تركنا العصر لاسرائيل تتحرك فيه بحرية وبلا ضغوط، وهو الواقع الذي شجعها على استبدال «علمانية الدولة» بيهودية الدولة، دولة البندقية والخرافة، وهو الشرط الذي انطلقت فيه الحكومة اليمينية المتطرفة في توسيع هجمتها الاستيطانية غير المسبوقة بهدف اطالة عمرالاحتلال، ومنع قيام الدولة الفلسطينية وتشييع مشروع الدولتين نهائيا، مع قدوم الادارة الأميركية الجديدة التي خلطت اوراق الصراع العربي الاسرائيلي الباهت، الذي أصبح في مراحله الأخيرة، وشارف على الانتهاء بلا ثمن.
استيقظ نتياهو من نومه فوجد الامة العربية غارقة في موجة عامة طامة من الاحتراب العربي والاقتتال الأهلي في أكثر من منطقة عربية، كما وجد الشعب الفلسطيني يعاني من «الانقسام الوطني» المزمن الذي لا حل له في المدى القريب، وهي الفرصة التاريخية التي التقطها قادة «الدولة اليهودية» من أجل اعادة صياغة مستقبل اسرائيل على قاعدة الحقائق والوقائع الجديدة، وأولها تأكيد فشل مشروع العربي – الأسرائيلي في تحقيق السلام العادل، رغم المعاهدات الموقعة، وانهاء مشروع حل الدولتين.
المستجدات، منذ وصول الرئيس ترامب الى البيت الأبيض، بدأت بالألتزام الأميركي المطلق بأمن اسرائيل ومصالحها، ثم وعد الرئيس ترامب بنقل السفارة الى القدس المحتلة، وتجميد المنحة المالية التي أقرها الرئيس اوباما للسلطة الفلسطينية، وهو الموقف الأميركي الجديد الذي شجع حكومة نتنياهو والكنيست على مصادرة وسلب المزيد من الأراضي الفلسطينية، والتمسك باصرار خرافي على بناء المزيد من المستوطنات في الأراضي المحتلة، بانتظار صدور بيان شجب وادانة من جامعة الدول العربية.
الأميركيون، وقادة الغرب، يعرفون أن قضية الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة، وان العنف والفوضى في الشرق الوسط نتج بسبب عدم تحقيق السلام العادل، وغياب العدالة في التعامل مع قضية الشعب الفلسطيني وعدم تمكينه من اقامة دولته المستقلة، ولكن الولايات المتحدة وكل الدول الغربية، تتجاهل هذه المسألة، وتحاول الفصل بين الحرب على الرهاب، وتحقيق العدالة على المسار الفلسطيني.
أمام هذه المستجدات لا نعرف كيف ستواجه القيادة الفلسطينية وحيدة هذا التحدي الأكبر، خصوصا في خضم الحديث عن أن عام 2017 هو عام الحسم على اكثر من جبهة في الشرق الأوسط؟!
الحقيقة أن المتاهة التي خلقتها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة سببها أن الكثيرين لا يعرفون حقيقة الصهيونية بفكرها ومشروعها وخططها، وهي الحركة التي راهنت، ولا تزال، على عامل الزمن. ومن أجل كسب المزيد من الوقت، تسعى القيادة الاسرائيلية اشغال السلطة الفلسطينية بقضايا فرعية مثل هدم البيوت، والاعتقالات وتكثيف الحواجز واغلاق الطرق ومصادرة الأراضي وتنشيط الاستيطان، بهدف تغييب القضية الأهم والأشمل وهي الاحتلال، والذي هو آخر احتلال موجود على وجه الأرض.
في النهاية، لا أعرف كيف ستواجه القيادة الفلسطينية هذا التحدي، وما هي خياراتها في الداخل والخارج، ولكنني اعرف ان الشعب الفلسطيني الصامد في الداخل يجب ان يملك خياره ايضا، لأنه يملك حقه في العيش فوق ارضه المحاصرة، كما يملك نزيف الجرح وقوة الروح ووضوح الطريق.
الراي 2017-02-09