«قانون التسوية الإسرائيلي»: المستهدف هو الأردن !
لأن الأردن صاحب تجارب مرة في هذا المجال فإن عليه أن ينظر إلى القانون الإسرائيلي الجديد «قانون التسوية» على أنه يستهدفه بقدر ما يستهدف الاشقاء الفلسطينيين وربما أكثر، والمفترض أن مأساة عام 1948 وعام 1967 لا تزال ماثلة للعيان، ولا تزال تذكر الأردنيين بأن هذا البلد هو من سيدفع الثمن الغالي جداً في النهاية مثله مثل الإخوة الذين سيقتلعون من وطنهم كله، من الضفة الغربية كلها، إذا بقي العالم يواجه ما تفعله إسرائيل بوضع كفيّه فوق عينيه، حتى لا يرى ما يفعله الإسرائيليون في باقي ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.
لقد بقيت إسرائيل تتّبع سياسة القضم والهضم في فلسطين حتى قبل عام 1948، والواضح، لا بل المؤكد أن حالة العرب المترديّة وانشغالهم بكل هذه الحروب وانشغال العالم معهم باستحقاقات الألفية الثالثة قد شجعتها على الإقدام على هذه الخطوة: «قانون التسوية» لتضرب ضربتها النهائية وتقذف بباقي ما تبقى من الإشقاء الفلسطينيين باتجاه شرقيّ نهر الأردن. وهذه مسألة جدية يجب ان تكون الهم الأول للأردنيين الذين يعانون من هموم كثيرة.
إن المعروف أننا ننشغل الآن بهم رغيف اغلخبز وجرعة الماء، وبهموم الأخطار الأمنية التي أصبحت تؤرق الأردن عبر حدودنا الشرقية والشمالية، وأيضا بهم العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال إن أردتم، لكن هذا كله على رغم احقيته فإنه لا ينسينا هم فلسطين الذي هو همنا الأول ويجب ألاّ ينسينا أن الخطر الفعلي الذي يهددنا هو الخطر الأسرائيلي، وذلك مع أن هذا الإرهاب الذي بات يخبط خبط عشواء يستحوذ على الجزء الأكبر من تهديداتنا الأمنية.
والمؤكد أن الأردن، هذا البلد الذي قدره أن يكون دائماً وأبداً خندقاً أمامياً في الدفاع عن فلسطين وعن الأمة العربية، على اعتبار أن فلسطين هي قلب الأمة سابقاً ولاحقاً وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بحكم تجاربه المريرة يعرف أن أي اقتلاع لأي فلسطيني من وطنه الذي لا وطن له غيره يستهدف هذا البلد الذي دفع الثمن غالياً كما دفعه الأشقاء الفلسطينيون في عام 1948 وعام 1967، حيث كان التوجه عبر الأردن شرقاً هو الخيار الذي لا خيار غيره.
ولذلك فإن الأردنيين الذين ينشغلون بهموم كثيرة يجب أن يدركوا أن «قانون التسوية» هذا الذي أقدمت عليه حكومة بنيامين نتنياهو بينما تعاظمت الهموم على رؤوس العرب، وبينما العالم كله ينشغل بهمومه الكثيرة، يستهدفهم كما يستهدف اشقاءهم الفلسطينيين، وأن المقصود هو تفريغ باقي ما تبقى من فلسطين من أهلها، وهذا يتطلب أن يكون تعامل الأردن مع هذا التحدي بمستوى خطر أن نرى مئات الألوف من اللاجئين الذين إبتلعت هذه «التسوية» المؤامرة ارضهم ومدنهم وقراهم، يعبرون الوادي الأردني وليس النهر الأردني الذي لم يعد منه شيئاً من الغرب الى الشرق وعلى غرار ما كان جرى في عام 1948 و1967.. واللّهم اشهد!!
الراي 2017-02-09