العرب على طاولة ترامب..!

تم نشره الخميس 09 شباط / فبراير 2017 12:40 صباحاً
العرب على طاولة ترامب..!
حسين الرواشدة

اذا كان مفعول “ الصفقة “ الكبرى مع ايران اوشك على الانتهاء , - من جانب واشنطن تحديدا – فهل تلوح في الافق ملامح صفقة كبرى بين امريكا بادارة ترامب وبين العالم العربي ؟.

يبدوا هذا السؤال مفاجئا ومستغربا لسببين : احدهما ان المواقف التي تبناها ترامب تجاه العالم العربي والاسلامي اتسمت بالتشنج ووصلت حد الاستعداء , لا اتحدث فقط عن قرارته عن منع دخول 7 جنسيات من دول عربية واسلامية الى امريكا , وانما عن قائمة طويلة من التصريحات التي استفزت العواصم العربية والاخرى التي صنفت العرب والمسلمين  ( باسم التشدد ) في دائرة المستهدفين , اما السبب الاخر فهو ان اولوية ترامب كما ذكر في اول خطاب له هو “ امريكا اولا “ وبالتالي فان من المبكر ان تفكر واشنطن في الاشتباك مع الملفات الخارجية الكبرى التي قد تضر بمصالحها , ناهيك عن ان عصر امريكا التي تتدخل في كل شيء انتهى منذ ان وصل اوباما الى البيت الابيض .

اذا اضفنا الى ذلك الحالة العربية التي انتهت الى ما نشهده من انقسام وضعف وتشتت , وعدم وجود اي مشروع عربي في موازاة المشروعات التي تتصارع في المنطقة , فان اي جاذبية لاي حوار امريكي مع العرب تبدو مفقودة تماما , مما يطرح خيارا واحدا وهو الفرض والاجبار في مقابل القبول والتنازل .

الاسباب الثلاثة تبدو وجيهة من جانب , لكن حين ندقق اكثر سنجد انها قابلة “ للنقض “ لاعتبارات اخرى اهم , الاول ان الرئيس ترامب يمتلك فعلا خطة “ لانهاء “ الصراع العربي الاسرائيلي , وان رسائل مؤكدة نقلت على لسانه الى الاطراف المختلفة تؤكد ضرورة التعامل مع هذه الخطة بجدية والا فان النتيجة سيتحملها الطرف الرافض , الثاني ان تأجيل نقل السفارة الامريكية للقدس سيرتبط حتما بملف التسوية حيث ستكون زيارة نتنياهو المتوقعة لواشنطن مناسبة لطرح رؤية ترامب حيال الخيارات التي يفترض ان تحسم تل ابيب الاجابة عليها , وتتلخص في نقل السفارة او الغاء الاتفاق مع طهران او اعطاء ضوء اخضر “ للاستيطان “ ومن المتوقع ايضا ان تطرح التسوية مع العرب اولا , ثم مع الفلسطينيين لاحقا ، على اجندة اللقاء , مما يفتح الباب امام “ صفقة “ كبرى بين امريكا واسرائيل من جانب وبين الاطراف العربية المعنية من جانب اخر .

عاملان مهمان – ايضا – سيغذيان هذه “ الصفقة “ ويضيفان اليها ما تحتاجه من شرعية , الاول يتعلق بملف “ الارهاب “ الذي يشكل للرئيس ترامب اولوية فيما اسماه “ اجتثاث الجماعات الارهابية “ وداعش تحديدا , اذ لا يمكن انجاز هذا الهدف الا ذا حسم ملف القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي مما يسمح لامريكا بخوض حربها مع الارهاب بشكل غير مباشر ومن خلال “ اهل المنطقة “ , كما سيسمح لاسرائيل بالمشاركة في هذه الحرب او – على الاقل – باستثمار نتائجها .

اما العامل الاخر فيتعلق بملف “ طهران “ والعلاقة العربية الايرانية , حيث ستفرز “ الصفقة “ المفترضة حلفا او مشروعا جديدا ضد اطماع ايران وامتداداتها في المنطقة , وربما يبدو هذا “ العرض “ مغريا للبعض كرد على المخاوف التي بدات تتكرس في الداخل العربي ضد النفوذ الايراني وما يمثله من خطر , سواء على بعض الدول العربية او على الاكثرية السنية التي اصبحت تعاني من “ المظلومية “ بفعل التدخل الايراني العسكري والسياسي في خارطة المكونات القومية والوطنية , وتحديدا في العراق وسوريا ولبنان واليمن .. الخ .

الاستدراك العربي – هنا – فيما يتلعق بالموقف الامريكي الجديد من طهران يتلخص في ان لا يتم ذلك على حساب القضية الفلسطينية , بمعنى ان بروز اي تفاهم ضد ايران يجب ان لا يصب في مصلحة اسرائيل فقط , كما يجب ان لا يدفع ضريبته الفلسطينيون وحدهم .

يتعامل ترامب مع السياسة بمنطق “ المنفعة “ كما مارسها فعلا في مجال “ البزنس “ وذكرها في كتاب ألفه عنوانه “ فن المنفعة “ , وبالتالي فان بروز ملامح في الافق الامريكي الجديد لصفقة مع العالم العربي تمر على جسر “ القضية الفلسطينية “ ليس خبرا عاجلا ويفترض ان لا يكون مفاجئا , لكن الاهم من ذلك هو سؤال “ الثمن “ الذي ستقايض به امريكا العرب لدفعه , هل هو المال والعتاد لمواجهة الارهاب , ام تقليم اظافر ايران بالمنطقة ام التطبيع الكامل مع اسرائيل ام اخراج الفلسطينيين من “ الماراثون “ خاسرين ؟ , لا ادري , لكن علينا ان نتوقع كل شيء ونستعد للتكيف مع صفقة كبرى ربما لا يكون امامنا اي خيار لرفضها الا بمعجزة.

الدستور 2017-02-09



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات