ترامب وإيران : هل ستقع الحرب ؟
يتردد في الكواليس وبقوة ، أن هدف ترامب من تصعيده مع إيران له مغزى أولي محدد وهو إضعافها في العراق واليمن وإخراجها وحزب الله من سوريا.
ويتردد ايضا ، أن مهمة بهذا الحجم لن تكون سهلة بدون موسكو ، وأن الروس لن يفعلوها إلا إذا ضمنوا مصالحهم بالكامل وحصلوا على أهدافهم في الشام.
وتقول معطيات ، بأن حربا بين الولايات المتحدة وإيران لن تقع الآن ، وإن عملية عض الأصابع الراهنة تتخللها مصاعب داخلية يتعرض لها الرئيس الأمريكي الجديد الذي يرغب وبقوة في إنهاء دور إيران في المنطقة وعزلها ضمن حدودها خائفة مترددة وضعيفة ، وهو ما تقاومه الدولة الفارسية التي أعادت خطاباتها العنترية القديمة ، وإن كان العالمون ببواطن الأمور يقولون : إن الإيرانيين يعيشون على أعصابهم حذرا من أن تقع الواقعة جراء حادث عرضي أو خطأ ما يجد ترامب نفسه ملزما بالرد عليه ، ومن أجل ذلك فإن إيران ستكون عمليا ، حذرة جدا ، أما نظريا فسوف تزيد من تحديها الإعلامي الفارغ.
نظرية الهروب إلى الأمام التي يحاول خصوم ترامب إسقاط تصرفاته عليها ، لا معنى لها من وجهة نظري ، لأنه ما من قضية أمريكية داخلية ، مهما كبرت ، ستسوع للرئيس إشعال حرب في منطقة استراتيجية يشكل بقاؤها هادئة مصلحة لكل الأطراف الدولية سواء في الشرق أم في الغرب .
ويتضح من كل هذه التطورات وخاصة التصريحات الصادرة عن وزير الدفاع الأمريكي الجديد أن الموقف حتى اللحظة هو تهديد ووعيد جاد وصارم ، ولكن إلى أي مدى يمكن أن يتطور الموقف لحرب بين الطرفين ، فإن هذا - وكما قلنا - رهن بالظروف ، حتى لو كانت طارئة ، وسيحرص الإيرانيون على عدم وقوعها.
إيران التي تلقت تحذيرات ترامب الأولى وتغريداته ردت بتغريدات هادئة في البداية معلنة أنها لن تبدأ بالحرب ، ولكن - من جهة أخرى - فإن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس التي أطلقها في اليابان طمأنت الإيرانيين على ما يبدو إلى أنهم في هذه المرحلة سيكونون تحت الضغط الإعلامي والإقتصادي الأمريكي لا أكثر ، ومن أجل ذلك تجرأ الحرس الثوري وأعلن عن مناورات ، ولكن أين ؟ بالتأكيد ليس في الخليج العربي كما هو دأب الإيرانيين في العادة ، ولكن وسط البلاد ، وللمكان هنا دلالات.
كما أن الضعف الأيراني تبدى حينما عزفت التصريحات الإيرانية العنترية على وتر " الإرهاب " زاعمة أن طهران تحارب هذه الآفة ، وهي رسالة مقصودة ، إذا ما أردنا أن نضعها في مكانها ، وكان آخرها الإعلان السبت عن مقتل ضابط من الباسيج في كمين لداعش في العراق ، والخبر هنا له أهدافه.
وكما قلنا ، فإن حربا في المدى المنظور لن تقع ، ولكن ما هو مؤكد ، أن ترامب بات حليفا قويا لدول المنطقة المعتدلة ، ولا بد سنسمع قريبا عن صفقات سلاح وغيرها ، فالرجل - في المحصلة - تاجر قبل أن يكون رئيسا ، والحملة دافعها المصالح ولا شيء سواها ، وهي مصالح تلتقي بالتأكيد مع مصالح العرب وهذا هو المهم.
ستعول إيران على حلفائها الدوليين لدعمها سياسيا ولن تستسلم بسهولة ، إلا إذا كانت العصا الأمريكية الغليظة قد رفعت للضرب وليس فقط للتخويف ، حينها فقط سنرى هذه الدولة الهشة المنتفخ حكامها غباء وغرورا تتصاغر كالذبابة ، وهذا في الواقع هو حجمها الطبيعي وحقيقتها الناصعة.
د.فطين البداد