ليس غريبا على الاحتلال وأميركا
ليس غريبا أو مستغربا سلوك رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي وحليفته الولايات المتحدة الأميركية تجاه اختيار الأمين العام الجديد للأمم المتحدة انتونيو غوتيريس، رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض مبعوثا للأمم المتحدة في ليبيا. فالإدارة الاميركية بتوجيه من نتنياهو رفضت هذا الاختيار والتعيين. وساقت مبررات واهية ومستغربة وغير حقيقية وراء رفضها، من شاكلة، أن تعيين فياض يثبت "انحياز" الامم المتحدة للسلطة الفلسطينية. والحقيقة ليست كذلك، فهدف اسرائيل من الرفض، إجراء مقايضة مع الامم المتحدة، حيث اشترط نتنياهو للموافقة على تعيين فياض، تسمية وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في منصب نائب الأمين العام.
إذن القضية ليست مرتبطة بانحياز المنظمة الأممية للسلطة الفلسطينية، وإنما محاولة اسرائيلية لتحقيق إنجازات على حساب الفلسطينيين، بالرغم من أن تعيين فياض لا يحقق إنجازا للسلطة الفلسطينية أو القضية الفلسطينية، وإنما يساهم بإنجاز المهمة المكلف بها من قبل المنظمة الأممية، وهي هنا إحلال السلام في ليبيا.
الإدارة الأميركية الجديدة، انساقت تماما مع رغبات نتنياهو، وبدأت بتوجيه الاتهامات للأمم المتحدة، بأنها تحابي الفلسطينيين على حساب الاحتلال الإسرائيلي، وتظهر "انحيازا " تاما لهم، ومع ذلك لم تقدم أي إثباتات على ذلك، علما أن الامين العام للأمم المتحدة جديد بمنصبه، في حين لم يتخذ الأمين السابق بان كي مون أي إجراءات أو قرارات لصالح الفلسطينيين، في حين كانت تصريحاته التي تدين الإجرام الاسرائيلي والمستوطنات متحفظة جدا.
وطبعا، في عصر القوة والهيمنة، لا ينفع المنطق، ولا تبحث الجهة القوية عن تبرير منطقي لقراراتها وتوجهاتها، فهي غير معنية بإرضاء الآخرين، وإنما بإجبارهم على تبني وجهة نظرها، ولو وضعت السلطة الفلسطينية كل الأدلة التي تثبت عدم انحياز الأمم المتحدة لها، ولا للقضية الفلسطينية؛ ومع أنها قضية عادلة، فإنها لن تغير شيئا ولو قليلا من الموقف الأميركي... فإدارة دونالد ترامب غير معنية بإرضاء وتلبية المطالب الفلسطينية والعربية مهما كانت عادلة وشرعية ومتطابقة مع القوانين العالمية، وإنما هي معنية بالدرجة الأولى بتلبية وتحقيق المطالب الاسرائيلية مهما كانت همجية ومجرمة وعدوانية. فالموقف الأخير من تعيين فياض يثبت ذلك، وكذلك موقفها من الاستيطان، فهي وإن قالت إن توسع الاستيطان قد لا يساعد العملية السلمية، فإنها تؤكد ليل نهار أنها تؤيد الاستيطان الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وأنها لن تدين اسرائيل لهذا الأمر، أو لأي أمر آخر.
اسرائيل تعيش في عهد ترامب أفضل أيامها، في حين تواجه القضية الفلسطينية أصعب مراحلها.
الغد 2017-02-14