أميركا أولاً والعالم آخراً
إذا صمد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب في البيت الأبيض ، وإذا فرض مبادئه وقناعاته على الحياة العملية ، فإنه سيغير كل شيء ، ليس خلال أربع أو ثماني سنوات فقط من عهده الميمون ، بل على المدى البعيد أيضاً ، بما في ذلك إحداث هزة انقلابية على صعيد الساحة الدولية ، وإعادة صياغة النظام العالمي في خطوة كبيرة إلى الخلف.
خطاب التنصيب الذي أدلى به ترامب قال كل شيء عن عالم ما بعد ترامب. تابع معي هذه الفقرة المكونة من حوالي أربعين كلمة ، لأنها تقول كل شيء:
« لعدة عقود كنا ُنثري الصناعات الأجنبية على حساب إفقار الصناعة الأميركية ، ندعم جيوش دول أخرى ونسمح لقواتنا المسلحة بالتراجع والهبوط ، نحمي حدود الدول الأخرى في حين نرفض حماية حدودنا ، وننفق تريليونات الدولارات كمساعدات خارجية في حين تتآكل البنية التحتية في أميركا».
ترامب لا يمزح ولا يلغو ، فما يقوله سيوضع موضع التطبيق ، وما على العالم سوى أن يتكيف مع الواقع الجديد.
هذا يعني نهاية العولمة وحرية التجارة العالمية ، تراجع المساعدات الأميركية الخارجية لأصدقاء أميركا وتحويلها لبناء وتأهيل البنية التحتية الأميركية ، ضربة قاسية لحلف الأطلسي الذي يستهدف حماية أوروبا الغربية من روسيا وقد تجاوزه الزمن.
أميركا لا تريد أن تظل مسؤولة عن العالم ، او أن تلعب دور الشرطي الدولي الذي يحفظ الامن والسلام ، فمصالح أميركا تأتي أولاً ، والحدود التي كانت مفتوحة لحركة رأس المال والبشر والبضائع تتحول إلى جدران عازلة.
في اليوم التالي لتسلم سلطاته الدستورية ، قام ترامب بزيارة لمقر وكالة المخابرات ، فماذا قال لهم؟ الرئيس وبخ قادة المخابرات لانه كان يجب عليهم عند احتلال العراق أن يأخذوا بترول العراق ويحتفظوا به ، ولكن لا بأس فقد تكون هناك فرصة ثانية للاستيلاء على البترول !! ورحم الله القانون الدولي والمبادئ الاخلاقية.
أميركا ليست دولة هامشية يستطيع العالم أن يتجاهل ما يحدث فيها ، ويواصل مسـيرته كالمعتاد بعد أن اختارت أن تنقلب رأساً على عقب. فهي الدولة العظمى الوحيدة. جنودها موجودون في كل القارات ، وأساطيلها موجودة في كل المحيطات.
أميركا كدولة مارقة ، ذنبها ليس على جنبها ، بل على جنبنا وعلى جنب العالم بأسره.
الراي 2017-02-15