الحل بعد حل الدولتين!
لم نكن بحاجة الى تسريبة عبر مسؤول اميركي لم يذكر اسمه، لنعرف ان الادارة الاميركية لا تتبنى حل الدولتين، اذ ان هذا الحل انتهى منذ سنين.
الدكتور مروان المعشر، وزير البلاط الملكي السابق، والوزير المعروف، كتب منذ سنوات، مقالا مهما، حول انتهاء حل الدولتين، واستعصاء الحل السياسي، كما ان الواقع يثبت ان هذا الحل بات مستحيلا جدا، ولا امكانية لتطبيقه اساسا لاعتبارات متعددة، والمعشر في شروحاته لنهاية حل الدولتين تحدث عن التقطيع الجغرافي لاوصال الضفة وبناء المستوطنات، واستحالة الصلة الفعلية بين اجزاء دولة فلسطينية.
الادارة الاميركية اذا تخلت عن حل الدولتين، فهي مسؤولة مباشرة، من حيث النتيجة، لكن سابقتها، مسؤولة من حيث التأسيس لهذه المرحلة، ، فإدارة اوباما جلست تتفرج على اسرائيل مدة ثمان سنوات، وهي تسرق ارض الضفة الغربية، التي تسيطر اسرائيل اليوم، على اغلبها، وتحشر الفلسطينيين في احياء سكنية، معزولة على طريقة «الغيتوهات اليهودية» ولو من باب الثأر من اي شعب آخر، هذا اضافة الى تهويد القدس، وسرقة المياه، وافقار الفلسطينيين، وبناء المستوطنات.
اذا كانت ادارة اوباما سببا في استخلاصات الادارة الاميركية الحالية، فإن هذا هو ايضا، دأب كل الادارات الاميركية السابقة، وما يمكن قوله حصرا ان كل الادارات الاميركية اوصلت المنطقة الى هذه المرحلة، فيما ادارة اوباما تحصد الزرع فقط.
حل الدولتين، كان مجرد وهم كبير، تم بيعه للعرب والفلسطينيين، من اجل غايات ثلاث، اولاها: استدراج الفلسطينيين للاعتراف بشرعية اسرائيل كدولة واحتلال ووجود، وهو ما تم فعليا، ثانيتها: تجميع كل التنظيمات الفلسطينية والتحكم في حيويتها وعناصرها تحت اعين الاحتلال الاسرائيلي في الداخل، بدلا من مطاردتهم في الخارج، وثالثتها استغلال الوقت وعناوين عملية السلام، من اجل اكمال مخطط ابتلاع كل الضفة الغربية والقدس.
حل الدولتين كان مجرد حل وظيفي، مهمته مساعدة اسرائيل، وتسريب واشنطن، اليوم، انه حل لاتتبناه الادارة، يعني ما هو اخطر، اي فتح القضية الفلسطينية على سيناريوهات كثيرة، لن يكون من بينها دولة ثنائية القومية للعرب واليهود، بقدر ان هذه السيناريوهات سوف تؤدي الى احد خيارين، اولهما تصدير الازمة الفلسطينية الى دول الجوار، وتحديدا الاردن، عبر اي طريقة، وهذا امر له حساسياته وكلفته اردنيا وفلسطينيا، وثانيهما تقديم نموذج جديد بين السلطة والدولة، يديم الواقع الحالي، ضمن مساحات الارض المتبقية، وعبر توصيف وظيفي، يجعل هذا الواقع، اقرب الى حياة التجمعات السكنية التي تتم ادارتها.
تحويل القضية الفلسطينية الى قضية سكان، بدلا من قضية ارض ووطن ودولة واحتلال، خطير جدا، ولعل السؤال يتعلق حصرا بالشعب الفلسطيني، وما لذي يمكن له فعله امام هذا الواقع؟!.
الدستور 2017-02-16